للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهوان بعد الأمن والعزّ الذي لا مزيد عليه، وما أحسن قول من قال في هذا المعنى:

[البسيط]

جاد الزّمان بصفو ثمّ كدّره ... هذا بذاك، ولا عتب على الزمن

ودام سيرهم على هذه الصفة إلى أن وصلوا بهم إلى البحر بخط بولاق بساحل النّيل، فأنزل الملك المؤيد وأخوه ومعهما قراجا المذكور في مركب واحد، وسافروا من وقتهم على الفور إلى الإسكندرية، وقد كثر تأسّف الناس عليهم إلى الغاية، ما خلا المماليك الظاهرية فإنهم فرحوا به لما كان فعل الملك الأشرف إينال بابن أستاذهم الملك المنصور كذلك، فجازوه بما فعلوه الآن مع ابنه الملك المؤيد هذا، قلت: هكذا فعل الدهر، يوم لك ويوم عليك.

ودام الملك المؤيد ومن معه مسافرا في البحر إلى ثغر رشيد، فسافروا على البر إلى أن وصلوا إلى الإسكندرية، فسجنوا بها، واستمر الملك المؤيد مسجونا بقيده إلى أن استهلّت سنة ست وستين فرسم السلطان الملك الظاهر خشقدم بكسر قيده فكسر، وتوجهت والدته خوند زينب إليه وسكنت عنده بالثغر ومعها ابنتها زوجة الأمير يونس بعد موته، ثم مرض ولدها محمد في أثناء السّنة أيّاما كثيرة، ومات بالثغر، ودفن به في ذى الحجة، وقبل موته ماتت ابنته بنت أشهر، ولم يتهم أحد لموته، لأن مرضه كان غير مرض المتهومين، ولما وقع ذلك أرسلت والدته خوند زينب تستأذن السّلطان في حمل رمّة ولدها محمد المذكور من الإسكندرية إلى القاهرة لتدفنه عند أبيه الأشرف إينال، فأذن لها في ذلك، فحملته بعد أشهر، وجاءت به إلى القاهرة في شهر ربيع الأوّل من سنة سبع وستين وثمانمائة، ودفن محمد المذكور على أبيه في فسقية واحدة- رحمهما الله تعالى والمسلمين- ولم تحضر والدته المذكورة مع رمّة ولدها محمد، وإنما قامت عند ولدها الملك المؤيد أحمد بالإسكندرية، لمرض كان حصل للملك المؤيد أبطل بعض أعضائه، ثم عوفى بعد ذلك بمدّة، وحضرت بعد ذلك إلى القاهرة بطلب من السلطان بسبب المال، وصادفت