ومن الآن نشرع في ذكر نوادر الحوادث إلى أن تنتهى ترجمته خوفا من الإطالة والملل فنقول:
ولما كان يوم الاثنين ثالث ذى القعدة استقرّ القاضى نجم الدين يحيى بن حجّى في نظر الجيش بعد أن صرف القاضى زين الدين بن مزهر عنها.
وفي يوم خامس عشر ذى القعدة عيّن السلطان تجريدة إلى قبرس نجدة لمن بها من العساكر الإسلامية، ثم بطل ذلك بعد أيام.
وفي يوم الخميس سابع عشرينه استقرّ الصفوى جوهر التركمانى زماما وخازندارا عوضا عن لؤلؤ الأشرفى الرومى.
وفي يوم الخميس سادس عشرين ذى الحجة أمسك السلطان بالقصر السلطانى بالقلعة جماعة من أمراء الألوف وغيرهم من الأشرفية، وهم: بيبرس خال العزيز رأس نوبة النوب، وجانبك من أمير الظريف الدّوادار الثانى وأحد أمراء الألوف، وجانبك المشد أحد أمراء الألوف أيضا.
وأمسك من أمراء الطبلخانات والعشرات جماعة أيضا، مثل: قانم طاز الخازندار الكبير، ونوروز الإسحاقى، وبرسباى الأمير آخور، وكرتباى، ودولات باى سكسن، وأبرك البچمقدار، وكلّهم عشرات إلا قانم طاز [فإنه]«١» أمير طبلخاناه.
فلما سمعت خچداشيتهم بذلك ثاروا، ووافقهم المماليك الأشرفية الإينالية، وجماعة من الناصرية، وتوجهوا الجميع إلى الأمير الكبير جرباش المحمدى الناصرى، وهو مقيم يوم ذاك بتربة الملك الظاهر برقوق التي بالصحراء، وكان في التربة في مأتم ابنته التي ماقت قبل تاريخه بأيّام، واختفى جرباش المذكور منهم اختفاء ليس بذاك، فظفروا به وأخذوه، ومضوا به إلى بيت قوصون الذي سدّ بابه الآن من الرّميلة تجاه باب السلسلة، ومروا به من باب النصر من شارع القاهرة، وبين يديه جماعة من أمراء الأشرفية وغيرهم، وعليهم آلة الحرب، وقد لقبوه بالملك الناصر على لقب أستاذه الناصر فرج بن برقوق، ولما وصلوا إلى بيت قوصون أجلسوه بمقعد البيت.