للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحملوا على البغال على العادة إلى سجن الإسكندرية، والأمراء المذكورون أعظمهم تمربغا الظاهرى رأس نوبة النوب، وأزبك من ططخ الظاهرى أحد مقدّمى الألوف، وبرقوق الناصرى ثم الظاهرى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، وقانى باى الساقى الظاهرى أيضا أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، ولما انفضّ الموكب منع السلطان الأمراء من النزول إلى دورهم، ورسم بإقامتهم بالحوش السلطانى مخافة أن يحدث منهم أمر لا سيما ممن بقى من أمراء الظاهرية، ولهج الناس بزوال الظاهرية، وتهيأ من بقى منهم وأوصى، وكثرت المقالة بمصر، وأرجف بالركوب والفتنة، واستمرّ الأمراء بالحوش جلوسا يومهم كله، إلى أن دخلت ليلة الثلاثاء تاسع عشرين ذى الحجة ولم يتحرك أحد بحركة، وقد عمّ الخوف الناس جميعا؛ لأن السلطان صار يخاف من وثوب الظاهرية عليه، والظاهرية تخاف من قبض السلطان عليهم، والناس خائفون من الفتنة، هذا والهرج موجود بين الناس.

فلما كان بعد صلاة عشاء الآخرة بلغ السلطان أن مماليكه الأجلاب الذين ملكهم من مماليك الملك الأشرف إينال، وأجرى عليهم العتق وقرّبهم وجعلهم خاصكية، وهم الذين قتلوا جانبك الدّوادار وتنم رصاص، وهم أيضا الذين تولوا قبض الأمراء الأربعة، قد اتفقوا مع بقية خچداشيتهم على قتل السلطان في هذه الليلة، ثم على قتل جميع الأمراء بالحوش السلطانى، ما خلا واحدا منهم، يبقوه ليسلطنوه عوضا عن أستاذهم الملك الظاهر خشقدم، ثم يصير بعد ذلك أمر المملكة بيدهم، فلم يكذب السلطان هذا الخبر، وحار فى نفسه كيف يفعل، وضاق عليه فضاء الأرض؛ لكون الذي طرقه إنما هو من مماليكه، وهم الذين يستعزّ بهم على غيرهم من جنده، فلم يجد بدّا من الاعتذار مع الظاهرية، وأن يصطلح معهم، ويعتذر إليهم في الليل، ويطيّب خاطرهم، فأرسل من طلب الأمير قايتباى الظاهرى شاد الشراب خاناه في الليلة المذكورة، فحضر هو وجماعة كثيرة من خچداشيته وأصحابه، وطلع من باب السلسلة إلى الحوش السلطانى راكبا، هو وجميع من حضر معه، وكانوا خلائق، ودخل قايتباى إلى السلطان بقاعة الدهيشة،