للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحمل سودون البرقى من الغد إلى سجن الإسكندرية، وأطلق طومان باى وأزدمر ودمرداش، وأخرج قانصوه وتغرى بردى إلى البلاد الشامية، واضطرب لهذه الواقعة أمور المملكة، وتخوّف كلّ أحد على نفسه، ويأبى الله إلا ما أراد.

وفي يوم الاثنين سابع ذى الحجة استقرّ يشبك من سلمان شاه «١» المؤيّدى الفقيه دوادارا كبيرا، بعد قتل الأمير جانبك، فولى يشبك وظيفته، ولم يل مجده ولا ثناءه ولا همته ولا حرمته ولا شهامته ولا عظمته، ولقد كان به تجمل في الزمان، ولا قوة إلا بالله.

واستقرّ سودون البردبكى المؤيّدى في حسبة القاهرة، عوضا عن تنم رصاص بعد قتله أيضا، واستقرّ نانق الظاهرى أمير آخور ثانيا عوضا عن سودون الشمسى، بحكم حبسه.

وفي يوم السبت ثالث عشره استقرّ المعلم محمد البباوى- أحد معاملى اللحم- ناظر الدولة دفعة واحدة، وترك زىّ الزّفورية «٢» السوقة، ولبس زىّ المباشرين الكتاب، ولبس خفّا ومهمازا، وركب فرسا، وهو أمىّ لا يحسن القراءة ولا الكتابة، فكانت ولايته لهذه الوظيفة من أقبح ما وقع في الدولة التركية بالديار المصرية، وقد استوعبنا من حال البباوى هذا نبذة كبيرة في تاريخنا «الحوادث» ، لا سيما لما ولى الوزارة، فكان ذلك أدهى وأمرّ، وبالجملة إن ولاية البباوى للوزر كان فيها عار على مملكة مصر إلى يوم القيامة.

وفي صبيحة يوم الاثنين ثامن عشرين ذى الحجة أمسك السلطان أربعة أمراء من أكابر أمراء الظاهرية بالقصر السلطانى، وكان الذي تولى قبضهم جماعة أيضا من المماليك الأجلاب «٣» ، وحبسوا بالبرج من قلعة الجبل، وقيدوا إلى الرابعة من النهار المذكور،