فضيلة مع وسوسة وطيش وخفة، وإسراف في الحال، وبالجملة إنه كان من المخلّطين- رحمه الله تعالى.
وتوفّى عظيم الدّولة ومدبّر المملكة الأمير سيف الدين جانبك بن عبد الله الظاهرى الدّوادار الكبير، المعروف بنائب جدّة قتيلا بيد المماليك الأجلاب بباب القلّة داخل قلعة الجبل، وقت صلاة الصبح من يوم الثلاثاء مستهل ذى الحجة، وقد ذكرنا قصة قتلته في «الحوادث» مستوفاة، لكن نذكرها هنا جملة «١» ، وهى أنه ركب من بيته سحر يوم الثلاثاء المذكور بغلس بعد صلاة الصبح بغير قماش الموكب، ومعه نحو خمسة نفر، وطلع إلى القلعة، ومشى بمن كان معه إلى أن وصل إلى باب القلّة، فسلّم على مقدم المماليك ثم مشى إلى أن جاوز العتبة الثانية من باب القلّة، والتفت عن يمينه إلى الجهة الموصلة إلى القصر السلطانى، فوجد هناك جماعة من المماليك السلطانية الأجلاب، فظن أن وقوفهم هناك لأجل أخذ الأضحية السلطانية على العادة فى كل سنة، فسلّم عليهم فردّوا عليه السلام بأعلى أصواتهم، كما يفعلون ذلك مع أعيان الأمراء بطريق التجمل، ثم مشى إلى أن التفت إلى نحو العتبة التي تكون على شماله تجاه باب الجامع الناصرى، فرأى على درجات الباب المذكور جماعة من المماليك الأجلاب من أوّل الدّرج إلى آخرها، فسلّم عليهم كما فعل مع من صدفه منهم قبلهم، فلم يردّ أحد منهم السلام، وحال أن وقع بصرهم عليه نزلوا إليه دفعة واحدة، وأحاطوا به، ونزلوا عليه من جهاته الأربع بالسيوف وغيرها، وهرب من كان معه إلى جهة الحوش السلطانى والدهيشة، ولما ضرب على رأسه سقط في الحال من وقته، وضربه آخر في خاصرته بالسيف، ثم نهض وارتكن بحائط الجامع، ثم سقط من وقته، فسحبه بعضهم برجله إلى طريق المطبخ، فوجد به رمقا، فألقى على رأسه حجرا هائلا رضخ رأسه، فمات من وقته، وكان مقدار قتلته كلها من أول الإحاطة به إلى أن خرجت روحه دون نصف درجة رمل، ولما تحققوا قتله أخذوا ما كان عليه من