ومانت أيام والده الأشرف، ونشأ الملك العزيز تحت كنف والده بالدّور السلطانية، إلى أن عهد له أبوه الأشرف بالسلطنة في مرض موته، ومات بعد أيّام.
وتسلطن العزيز هذا بعد عصر نهار السبت ثالث عشر ذى الحجة سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وهو السلطان الثالث والثلاثون من ملوك الترك بالديار المصرية وأولادهم، والتاسع من الچراكسة وأولادهم، وتم أمره في الملك، وصار الأتابك جقمق مدبّر مملكته وفرّق النفقة على المماليك السلطانية كل واحد مائة دينار، لا يتنفّل أحد على أحد كائنا من كان، على قاعدة الملوك العظام، بخلاف من جاء بعده من الملوك، ودام في الملك إلى أن وقع بين الأتابك جقمق وبين مماليك أبيه الأشرفية أمور آلت إلى خلعه من السلطنة، وسلطنة الأتابك جقمق عوضه في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، فكانت مدة ملكه نحوا من خمسة وتسعين يوما، ليس له فيها إلّا مجرّد الاسم فقط.
وبعد خلعه من الملك رسم له بالسكن في قاعة من الحريم السلطانى بقلعة الجبل، فسكن بها إلى أن حسّن له بعض حواشيه التسحّب منها والنزول من القلعة إلى القاهرة لتثور مماليك أبيه به على الملك الظاهر جقمق، ففعل ذلك، وتزيّا في نزوله في زى بعض صبيان الطّباخين، ونزل بعد الفطر وقت صلاة المغرب إلى القاهرة من باب المدرج «١» وكانت أيام شهر رمضان، فنزل ولم يفطن به أحد، لاشتغال الخدام وغيرهم بالفطر، فلما نزل إلى تحت القلعة لم ير شيئا مما قيل له، فندم على نزوله، وبقى لا يمكنه العود إلى مكانه، فاختفى من وقته هو ومملوكه أزدمر وطواشيه صندل، وطباخه إبراهيم، ووقع له وللناس في اختفائه أمور ومحن، ونكبت جماعة كثيرة من الناس بسببه وضرب جماعة من مماليك أبيه بسببه بالمقارع والكسّارات، ووسّط بعضهم، وقلق الملك الظاهر جقمق بسببه قلقا زائدا.
وضاقت الدنيا على الملك العزيز يوسف، وتفرقت عنه أصحابه إلى أن ظفر به