بين الملك المنصور عثمان وبين أتابكه إينال العلائى، فكان تنم هذا من حزب الملك المنصور بالقلعة، فلما تسلطن الأتابك إينال حبس تنم المذكور بثغر الإسكندرية، إلى أن أطلقه الملك الظاهر خشقدم، وأطلق معه الأمير قانى باى الچاركسى، وسيّرهما إلى ثغر دمياط بطّالين، ثم بعد مدة يسيرة أحضره الظاهر خشقدم إلى القاهرة، وولّاه نيابة دمشق بعد عزل الأمير جانم الأشرفى، فتوجّه تنم إلى دمشق وحكمها، فلم تحمد سيرته وتشكر طريقته، إلى أن مات في التاريخ المذكور.
وكان- رحمه الله تعالى- له مساوئ ومحاسن، وأظن الأول أكثر، ومن غريب ما اتفق في أمره أنه لما كان محبوسا كان رجل من أصحابه ملتفتا إلى أمره ولما يصير من شأنه، فقصد الرجل بعض المشهورين بعلم النّجوم وأرباب التّقويم، فعمل الرجل لتنم المذكور زايرجاة، وأتقن عملها، فخرج له أبيات تشعر بسلطنة تنم المذكور، فجاءنى الرجل وهو مسرور، وحكى لى ذلك، فأجبته بكلام معناه:
إن هؤلاء كذبة، ليس لهم معرفة بهذه الأمور، وكل ما يقولونه كذب وبهتان واختلاق، نصبة على أخذ الأموال، فعظم ذلك عليه، فقلت له:«لى معك شرط، أكتب الأبيات، فإن تسلطن فهو كما تقول، وإن كانت الأخرى فأكتبها في ترجمة وفاته ليكون ذلك عبرة لمن يصدّق كذب هؤلاء الفسقة» فقال: نعم، الأبيات هى «١»[الطويل]
وإنّ الذي في السجن لا بدّ أنه ... يكون مليكا للأنام عزيزا
فأوله تاء وآخر اسمه ... على القطع ميم، كن عليه حريزا
وذلك كهل يا أخىّ وإنه ... لضخم القفا والصدر فاصغ مميزا
ولا بد أن يأتى الزمان بقوة ... ويعلو رقابا للعداة محيزا
فزايرجة في نظمها نطقت بذا ... فكن لى بهذا العلم منك مجيزا
وهذا الذي عمل هذه الزّابرجة الناس مجمعون على معرفته، فما العجب من كذب