للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوفّى الأمير سيف الدين جانبك بن عبد الله الأبلق أحد أمراء العشرات قتيلا بيد الفرنج في الماغوصة بجزيرة قبرس في إحدى الجمادين، وقد ذكرنا سبب قتله فى «الحوادث» وحاصل الأمر: أنه لما ملك الماغوصة، مدّ يده لأولاد أهل الماغوصة من الفرنج، فعزّ على الفرنج ذلك، لأنه كان أخذها بالأمان: فشكوا ذلك إلى صاحب قبرس جاكم الفرنجى، فنهاه عن ذلك فلم ينته، فوقع بينهم تشاجر أدّى ذلك إلى قتله، ولم ينتطح في ذلك شاتان، وبالجملة إن جانبك المذكور كان غير مشكور السيرة في مدّة إقامته بقبرس- رحمه الله تعالى.

وتوفّى شيخ الإسلام قاضى القضاة علم الدين صالح ابن شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصير البلقينى الكنانى «١» الشافعى، قاضى قضاة الديار المصرية وعالمها، فى يوم الأربعاء وقت الزوال خامس شهر رجب، بعد أن مرض نحو عشرة أيام، ودفن من الغد بمدرسة والده تجاه داره بحارة بهاء الدين، بعد أن صلى عليه بالجامع الحاكمى، وتوجهوا بجنازته من طريق الجملون العتيق، ودخلوا بها من باب الجامع الذي بالشارع عند باب النصر، وعادوا بنعشه من الباب الذي بالقرب من باب الفتوح، وأعيد إلى مدفنه، وكانت جنازته مشهودة إلى الغاية.

ومات وسنه سبع وسبعون سنة، لأن مولده بعد عشاء ليلة الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وهو من جملة الفقهاء الذين قرأت عليهم القرآن في صغرى، لأن أختى كانت تحت أخيه قاضى القضاة جلال الدين البلقينى، فكنّا بهذا المقتضى كشىء واحد، وكان إماما عالما فقيها، درّس وأفتى سنين كثيرة، وناب في الحكم عن أخيه جلال الدين المذكور، ثم ولى القضاء بعد ذلك غير مرّة، وطالت أيّامه في المنصب، وانتهت إليه رئاسة مذهبه في زمانه، وقد استوعبنا حاله في عدة مواضع من مصنفاتنا، ليس لذكرها في هذا المختصر محل، وفي شهرته ما يغنى عن الإطناب في ذكره هنا- رحمه الله تعالى ورضى عنه.