وكان الملك الظاهر يلباى لما وافق يشبك الدوادار على ما فعله قد ضاقت حصيرته، وتغلّب مع خيربك والأجلاب، وخاف إن شرع في القبض عليهم لا يتم له ذلك، فرمّ هذه المرمة ليأخذ الثأر بيد غيره، وأنهم إذا استفحل أمرهم يسألهم الملك الظاهر يلباى ما الغرض من ركوبهم؟ فيقولون: غرضنا نزول الأجلاب من الأطباق وإبعاد خيربك وغيره من خچداشيته، ويكون هذا القول عند ما تنغلب الأجلاب فإذا أذعنوا بالنزول من الأطباق، وخلت القلعة منهم فعل فيهم الملك الظاهر يلباى عند ذلك ما أراد.
وكان هذا التدبير لا بأس به لو أنه «١» نزل إليهم في أوائل الأمر واجتمع بهم، أو طلعوا عنده وصاروا يدا واحدة، ففاته ذلك، وأقام هو بالقلعة، وفهم خير بك والأجلاب أنّ ذلك كله مكيدة منه لأخذهم، فاحتاطوا به، واحتاجوا إلى الإذعان للظاهرية الكبار ومطاوعتهم على أنهم يخلعون يلباى من السلطنة، ويولون أحدا من كبار أمراء الظاهرية، فوافقتهم الظاهرية على ذلك، ومالوا إليهم، واستمالت الظاهرية أيضا الأمير جانبك قلقسيز الأشرفى أمير مجلس، فمال إليهم، ووعدهم بممالأة خچداشيته الأشرفية إليهم، وخذلان يشبك الدّوادار، فعند ذلك صار الملك الظاهر يلباى وحده أسيرا في أيدى القلعيّين.
فلما أصبحوا يوم الخميس خامس جمادى الأولى أعلن الأمير يشبك الفقيه، ولبسوا آلة الحرب، وركب بمن معه من المؤيدية والأشرفية الكبار والأشرفية الصغار، والسيفية، ولبسوا آلة الحرب، واجتمع عليهم خلائق من كل طائفة، ومالت زعر الديار المصرية إليهم، وبلغ من بالقلعة أمرهم، فخافوهم خوفا شديدا، ولبسوا هم أيضا آلة الحرب، ونزلوا بالسلطان الملك الظاهر يلباى إلى مقعد الإسطبل السلطانى المطل على الرّميلة، وشرعوا في قتال الأمير يشبك «٢» بمن معه في الأزقّة والشوارع بالصليبة، وهم لا يعلمون حقيقة أمر يشبك «٣» ، ولم يقع بين الأجلاب والظاهرية الاتفاق المذكور إلى