للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآن، فإن الاتفاق بما ذكرناه لم يقع بين الأجلاب والظاهرية بالقلعة إلا في آخر يوم الخميس، وكذلك الاحتراز على السلطان لم يقع إلا في آخر يوم الخميس.

وأما أول نهار الخميس ما كانت القلعيّون إلا كالحيارى، ولما وقع القتال بين أصحاب يشبك وبين القلعيّين تقاعد يشبك عن القتال، ولم يركب بنفسه البتة، بل صار يترقّب نزول السلطان إليه، هذا والقتال واقع بين الفريقين بشوارع الصّليبة من أول النهار إلى آخره، وقتل بين الفريقين جماعة كثيرة، فلما رأى الناس تقاعد يشبك بنفسه عن القتال ظنوا أن ذلك عجز منه عن مقاومة القلعيّين فنفر لذلك عنه خلائق، ووافق ذلك اتفاق الظاهريّة الكبار مع الأجلاب بالقلعة.

وأصبح يوم الجمعة سادس جمادى الأولى والقتال عمّال بين الفريقين بشارع الصّليبة من أول النهار إلى آخره، فلما مالت الأشرفية الكبار إلى القلعيّين وفارقت يشبك خارت طباع الأشرفية الصغار ومالوا أيضا للقلعيّين، وكانت القلعيّون استمالتهم أيضا، فما أمسى الليل إلا ويشبك الدّوادار بقى وحده مع خچداشيته المؤيّديّة لا غير، فلما رأى أمره آل إلى ذلك قام من وقته واختفى، وكذلك فعل غالب خچداشيته المؤيدية لا غير، وأما الملك الظاهر يلباى فإنه لما نزل إلى المقعد بالإسطبل السلطانى في باكر يوم الخميس وشرع القتال بين القلعيّين وبين يشبك وأصحابه كان حينئذ إلى ذلك الوقت في عز السلطان، ولم يظهر إلى ذلك الوقت أن الذي فعله يشبك كان صادرا عنه وبتدبيره، فلما فهموا ذلك وأبرموا أمرهم مع الظاهرية الكبار حسبما ذكرناه في أول الكلام أخذوا في مقته والازدراء به والتلويح له بما يكره، بل ربما صرّح له ذلك بعضهم فى الوجه.

وطال هذا الأمر والحصر عليه يومى الخميس والجمعة وليس له فيها إلا الجلوس على المدوّرة، والأتابك تمربغا جالس بين يديه وقد رشح للسلطنة عوضه، وهو يعرف هذا بالقرائن، لأن الذي بقى يطلع إلى القلعة من الطوائف طائعا يبوس له الأرض ثم يقبّل يد الأتابك تمربغا، هذا والأمير قايتباى المحمودى رأس نوبة النوب، والأمير جانبك