للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأبلق وتوجّه به إلى البحرة ليحبس بها فاجتاز به من طريق الحريم السلطانى، أنه عيى في الطريق وجلس ليستريح، ثم سأل الأمير برسباى المذكور: «إلى أين أروح «١» ؟» فقال له: «إلى البحرة يا مولانا السلطان معزوزا «٢» مكرّما» ، فقال: «والله ما أنا سلطان، أنا أمير، وما كنت أفعل بالسلطنة، وقد كبر سنى وذهل عقلى، وقلّ نظرى وسمعى؟! بالله سلّم على السلطان وقل له إنى لست بسلطان، وسله أن يرسلنى إلى ثغر دمياط أو موضع آخر غير حبس، فأكون فيه إلى أن أموت وأنا مأمون العاقبة، لأنى ما عرفت أدبّر المملكة وأنا مولّى سلطانا، فكيف يقع منى ما يكرهه السلطان؟!» . ثم بكى أولى وثانية. قال برسباى: «فشرعت أزيد في تعظيمه، وأسليه، وأعده بكل خير» .

والمقصود من هذه الحكاية اعترافه بالعجز عن القيام بأمور المملكة. وبالجملة كانت سلطنته غلطة من غلطات الدهر.

ودام الملك الظاهر يلباى بالبحرة إلى ليلة الثلاثاء عاشر جمادى الأولى من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، فحمل إلى سجن الإسكندرية في بحر النيل، ومسفّره الأمير قانصوه اليحياوى الظاهرى المستقر في نيابة الإسكندرية بعد عزل كسباى المؤيّدى، وتوجّه إلى دمياط بطالا، فحبس الملك الظاهر يلباى ببعض أبراج الإسكندرية إلى أن توفّى بحبسه من البرج بإسكندرية في ليلة الاثنين مستهلّ شهر ربيع الأوّل من سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، وقد جاوز السبعين من العمر.

وكان ملكا ضخما، سليم الباطن مع قلّة معرفته بأمور المملكة، بل بغالب الأمور، أمّيّا لا يحسن الكتابة ولا القراءة ولا الكلام العرفىّ إلا بمشقّة، وكان في