فى الحال، وكانت أعذاره عن الطلوع إلى القلعة بأنه تارة يتوجه إلى الربيع وتارة بغير ذلك.
والسلطان يسمع هذه الإشاعة ويعلم من الأتابك قايتباى ما يفعله ولا ينكر عليه عدم طلوعه، ولا يجبره على الطلوع، بل يتخوّف هو أيضا على نفسه، ويأخذ فى إصلاح أمره بما هو أخف، فلا يسلم ممن يسكّن روعه وينفى عن خيربك المذكور هذه الإشاعة ممن له غرض في الباطن مع خيربك، ثم يقوّى جأش السلطان الأمير كسباى الدوادار مع كثرة خچداشيته، فإنه مخالف لخچداشه خيربك الدوادار، ويميل إلى صهره الملك الظاهر تمربغا، واستمر هذا الحال جمادى الآخرة كلها، إلى أن استهل شهر رجب- أوله يوم الأربعاء.
فيه سأل الأتابك قايتباى السلطان أن يتوجّه إلى ناحية مربط جماله على الربيع ببعض قرى القليوبية من أعمال مصر، فأذن له السلطان في ذلك، فسافر الأتابك إلى تلك الجهة، وغاب بها إلى يوم الأحد خامس رجب، فحضر إلى القاهرة في آخر النهار المذكور ولم يطلع تلك الليلة إلى القلعة كعادة طلوعه قبل تاريخه في ليالى الموكب، وامتنع أيضا من الطلوع في تلك الليلة جماعة أخر من مقدمى الألوف، ولم يطلع إلا الأمير جانبك قلقسيز أمير سلاح، والشهابى أحمد بن العينى أمير مجلس، وسودون القصروى، وتنبك المعلّم الأشرفى، والأمير تمر حاجب الحجاب، وخشكلدى البيسقى رأس نوبة النّوب، وهو من أعظم أصحاب خيربك، وكذلك الأمير مغلباى الظاهرى.
فهؤلاء الستة «١» الذين طلعوا إلى القلعة في تلك الليلة من مقدمى الألوف، وأذّن المغرب وهم بالقلعة، وصلّوا مع السلطان الملك الظاهر تمربغا صلاة المغرب، ثم دخل الملك الظاهر إلى الخرجة المطلّة على الرميلة على العادة، وجلس بها.