الحرب وعادوا إلى القصر بقوّة زائدة وأمر كبير، وتوجه بعضهم لإحضار الخليفة، وتوجه بعضهم انهب الحريم السلطانى بداخل الدور، ثم أغلق باب الخرجة من قبل السلطان كأنه مخافة من هجوم بعض الأجلاب عليه.
ثم وقعت «١» أمور سمعناها بالزائد والناقص على قدر الروايات؛ فإننا لم نحضر شيئا من ذلك، وآل الأمر إلى الدخول على السلطان وإخراج خچداشيته من عنده، ثم أرادوا إخراج من بقى عنده من السقاة، فمنعهم السلطان من ذلك قليلا، ثم سكت، فأخرجوهم، وبقى السلطان في جماعة يسيرة من مماليكه وغيرهم.
ثم بعد ساعة دخل على السلطان ثلاثة أنفار من الجلبان ملبسة وهم ملثمون، وأرادوا منه أن يقوم وينزل إلى المخبأة التي تحت الخرجة، فامتنع قليلا، ثم قام معهم مخافة من الإخراق، وأخذوه وأنزلوه إلى المخبأة من غير إخراق ولا بهدلة، وأنزلوا فرشا ومقعدا، ونزل معه بعض مماليكه وبعض الأجلاب أيضا، وأغلقوا عليه الطابقة، وأخذوا النّمچة والدرقة والفوطة ودفعوهم إلى خيربك، بعد أن أطلقوا عليه اسم سلطان، وباس له الأرض جماعة من أعيان الأمراء، وقيل إنهم لقبوه بالملك العادل، كل ذلك بلا مبايعة ولا إجماع الكلمة على سلطنته، بل بفعل هذه الأجلاب الأوباش، غير أن خيربك لما أخذ النّمچة والدّرقة حدثته نفسه بالسلطنة، وقام وأبعد في تدبير أمره وتحصين القلعة.
وأما الملك الظاهر تمربغا لم يتمّ جلوسه بالمخبأة حتى أنزلوا عنده جماعة كبيرة من خچداشيته الأمراء واحدا بعد واحد حتى تكمل عدتهم ثمانية أو تسعة، وهم: الأمير تمر حاجب الحجاب، وبرقوق المشد، وبرسباى قرا الخازندار، وأزبك ناظر الخاص، وتغرى بردى ططرنائب القلعة، وقانى باى الساقى، وقانى بك، وقجماس، واثنان آخران «٢» وقعد عندهم جماعة من الأجلاب كما تقدم ذكره.