وأما الأمير بردبك هجين الأمير آخور الكبير فإنه بلغه الخبر في أوائل الأمر فلم يكذب ما سمع، ونزل من الإسطبل السلطانى من وقته، وأرسل أعلم الأتابك قايتباى بما وقع، فركب الأتابك في الحال هو وأصحابه وخچداشيته وقد انضم عليه الأشرفية الكبار والأشرفية الصغار بعد أمور وقعت، فحضر الأتابك قايتباى إلى بيت قوصون الذي سدّ بابه من تجاه القلعة، فلم يكد جلوس السلطان الملك الظاهر تمربغا بالمخبأة إلا وقد انتشر أصحاب قايتباى بالرملة «١» ، ورآهم السلطان الملك الظاهر تمربغا من شباك المخبأة المطل على الرملة في جمع كثير، وذلك قبل نصف الليل، لأن إنزال الملك الظاهر تمربغا إلى المخبأة كان بالتقريب قبل ثلث الليل الأخير «٢» ، والخبر الذي ورد على الأمير بردبك هجين كان بعد عشاء الآخرة.
وأما خيربك الدوادار الكبير فإنه لما أخذ النّمچة والدّرقة شرع في إصلاح أمره ليتم له ما أراد من ملك مصر، ونزل إلى الإسطبل السلطانى في جمع كبير من خچداشيته الأجلاب، ووقف بداخل باب السلسلة يترقّب من يجيء إليه من الرملة.
والذي بلغنى من غير ثقة أن جماعة من الطوائف المشهورة كانوا وافقوه على أن يفعل ما فعل، وأنهم معه على السراء والضراء وفي كل ما يرومه، فلما طال وقوف خيربك ولم يطلع إليه أحد، علم أنهم خذلوه وغرروا «٣» به، فندم حيث لا ينفعه الندم ولم يسعه إلا إتمام ما فعل، فعاد خيربك إلى القلعة بعد أن أمر الأجلاب أن يصعدوا على سور القلعة ويقاتلوا من بالرّملة من أصحاب قايتباى، ففعلوا ذلك، وقاتلوا قتالا جرح فيه جماعة من الفريقين، وقتل جماعة، وطلع خيربك إلى القصر وقد علم أنّ أمره تلاشى وأدبرت سعادته، وبينما هو في ذلك فرّ عنه غالب أصحابه الكبار مثل خشكلدى ومغلباى وغيرهما، فعند ذلك لم يجد خيربك بدّا من الإفراج عن الملك