السّلسلة، وجلس بمقعد الإسطبل، وكان لهج بعض الأمراء عند طلوع قايتباى إلى الإسطبل بأن قال:«الله ينصر الملك الناصر قايتباى» ، وسمع بعض الناس ذلك.
ولما جلس الأتابك قايتباى بمقعد الحرّاقة بتلك العظمة الزائدة كلمه بعض الأمراء في السّلطنة، وحسّنوا له ذلك، فأخذ يمتنع امتناعا ليس بذاك، إلى أن قام بعضهم وقبّل الأرض له، وفعل غيره كذلك، فامتنع بعد ذلك أيضا، فقالوا:
«ما بقى يفيد الامتناع، وقد قبّلنا لك الأرض فإما تذعن وإما نسلطن غيرك» .
فأجاب عند ذلك.
فقال بعض الظّرفاء:«جلوسه بالمقعد والملك الظاهر تمربغا بالقصر كان ذلك إجابة منه، وإلا لو لم يكن له غرض في ذلك كان طلع إلى القصر عند السلطان دفعة واحدة» .
فلما تمّ أمر الأتابك قايتباى في السلطنة طلع الأمير يشبك من مهدى الظاهرى الكاشف بالوجه القبلى إلى الملك الظاهر تمربغا، وعرّفه بسلطنة قايتباى، وأخذه ودخل به إلى خزانة الخرجة الصغيرة، وقد حبس بها خيربك قبل ذلك كما تقدم.
ولما استقرّ الملك الظاهر تمربغا بالخزانة المذكورة كلّمه يشبك من مهدى في أنه يتوجه إلى البحرة أو هو أراد، فقبل أن يقوم من مجلسه تناول يشبك من يده النّمچة والدّرقة ودفعهما إلى تمراز الأشرفى، فأخذهما تمراز وتوجّه إلى الأتابك قايتباى، وقام الملك الظاهر تمربغا وتوجّه في الحال إلى البحرة مكرما مبجلا، وبين يديه يشبك من مهدى المذكور وغيره، وسار إلى البحرة من داخل الحريم السلطانى، وجلس بالبحرة.
وتمّ أمر قايتباى في السلطنة حسبما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى.
واستمرّ جلوس الملك الظاهر تمربغا بالبحرة وأصحابه وحواشيه تتردّد إليه من غير مانع يمنعهم من ذلك، والملك الأشرف قايتباى يظهر تعظيمه وإكرامه بكل ما تصل قدرته إليه.