(قالها ثلاث مرّات) ؛ فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، إن الملهوف يركب الخطر وهو عالم بركوبه، وينسى الأدب وهو غير جاهل به، ولو أحسنت الأيام إنصافا لأحسنت التقاضى، ولأن تلقى الله يا أمير المؤمنين حانثا فى يمينك خير من أن تلقاه قاتلا لى. فأعجب المأمون كلامه وأمر بإزالة ظلامته.
وفيها توفى إبراهيم بن إسماعيل أبو إسحاق البصرىّ الأسدىّ المعتزلىّ، كان يعرف بابن عليّة، وهو أيضا من القائلين بخلق القرآن؛ وله مع الشافعىّ مناظرات فى الفقه بمصر، ومع أحمد بن حنبل مناظرات ببغداد بسبب القرآن. فكان الإمام أحمد بن حنبل يقول: ابن عليّة ضالّ مضلّ. ومات بمصر ليلة عرفة. وكان من أعيان علماء عصره.
وفيها توفّى بشر بن غياث بن أبى كريمة أبو عبد الرحمن المرّيسىّ «١» مولى زيد ابن الخطاب، كان أبوه يهوديا يسكن ببغداد، وتفقّه هو بالقاضى أبى يوسف حتى برع فى علوم كثيرة، ثم اشتغل بعلم الكلام والقول بخلق القرآن. وكان أبو زرعة الرازىّ يقول: بشر بن غياث زنديق.
قلت: ذكر أن عبد الله بن المبارك رأى فى منامه زبيدة وفى وجهها أثر صفرة، فقال لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر لى فى أوّل معول ضرب بطريق مكة؛ فقال: فما هذه الصّفرة التى فى وجهك؟ فقالت: دفن بين أظهرنا رجل يقال له بشر المرّيسىّ زفرت عليه جهنّم زفرة فاقشعرّ الجلد منّى بسببها، فهذه الصفرة من تلك الزفرة.
وفيها توفّى الشيخ الصالح الزاهد علىّ الجرجانىّ كان يسكن جبال لبنان.
قال بشر الحافى: رأيته يوما على عين ماء، فهرب منّى وقال: بذنب منّى رأيت