حتى فاق أهل عصره؛ وسمع الحديث من مالك بن أنس والفضيل بن عياض وحمّاد ابن زيد وشريك وعبد الله بن المبارك وغيرهم؛ وروى عنه جماعة منهم أحمد الدّورقىّ ومحمد بن يوسف الجوهرىّ وسرىّ السّقطىّ وخلق غيرهم. قال أبو بكر المروزىّ:
وقال أبو بكر بن عفّان: سمعت بشر [بن الحارث «١» ] يقول: إنى لأشتهى شواء منذ أربعين سنة ما صفالى درهمه. وعن المأمون قال: ما بقى أحد نستحى منه غير بشر بن الحارث. وقال أحمد بن حنبل: لو كان بشر بن الحارث تزوّج لتمّ أمره. وقال إبراهيم الحربىّ: ما أخرجت بغداد أتمّ عقلا من بشر ولا أحفظ للسانه، كأن فى كلّ شعرة منه عقلا. وعن بشر قال: المتقلّب فى جوعه كالمتشحّط فى دمه فى سبيل الله. وعنه قال:
شاطر «٢» سخىّ أحبّ الى الله من صوفىّ بخيل. وعنه قال: لا أفلح من ألف أفخاذ النساء. وعنه قال: إذا أعجبك الكلام فاصمت، وإذا أعجبك الصمت فتكلّم. وكانت وفاة بشر فى يوم الأربعاء حادى عشر شهر ربيع الأوّل. وفيها توفّيت فاطمة جارية المعتصم وتدعى بعريب «٣» ، كانت فائقة الجمال بارعة فى الغناء والخطّ، اشتراها المعتصم من تركة أخيه المأمون بمائة ألف درهم. وفيها توفى أمير المؤمنين المعتصم [بالله محمد «٤» ] ، وكنيته أبو إسحاق ابن الخليفة الرشيد هارون ابن الخليفة المهدىّ محمد ابن الخليفة أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علىّ بن عبد الله بن العباس، الهاشمىّ العباسىّ الخليفة الثالث من أولاد هارون الرشيد؛ بويع بالخلافة بعد موت أخيه عبد الله المأمون فى شهر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، ومولده سنة ثمانين ومائة، وأمه أمّ ولد اسمها ماردة، وكان أمّيّا عاريا من كل علم. وعن محمد الهاشمىّ قال: كان مع المعتصم غلام فى الكتّاب