يتعلم معه، فمات الغلام؛ فقال له الرشيد أبوه: يا محمد، مات غلامك! قال: نعم يا سيدى واستراح من الكتّاب؛ فقال: وإن الكتّاب ليبلغ منك هذا! دعوه لا تعلّموه؛ قال: فكان يكتب ويقرأ قراءة ضعيفة. وكان المعتصم مع ذلك فصيحا مهيبا عالى الهمّة شجاعا مقداما، حتى قيل: إنه كان أهيب خلفاء بنى العباس، إلا أنه سار على سيرة أخيه المأمون فى امتحان العلماء بخلق القرآن؛ وكان يدعى الثّمانىّ، لأنه ولد سنة ثمانين ومائة فى شهر رمضان، ورمضان بعد ثمانية أشهر من السنة، وملك لثمان عشرة ليلة من شهر رجب، وهو الثامن من خلفاء بنى العباس، وفتح ثمانية فتوح، وكان عمره ثمانا وأربعين سنة، وخلافته ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وخلّف من الولد ثمانية بنين وثمانى بنات، وخلّف من العين ثمانية آلاف ألف دينار ومثلها دراهم، وقيل: ثمانمائة ألف درهم، ومن الخيول ثمانين ألف فرس، ومن الجمال ثمانين ألف جمل وبغل ودابة، وثمانين ألف خيمة، وثمانية آلاف عبد (أعنى مماليك) ، وقيل: ثمانية عشر ألفا، وثمانية آلاف جارية، وعمّر من القصور ثمانية.
وقال نفطويه «١» : وحدّثت أنه كان من أشدّ الناس بطشا (يعنى المعتصم) وأنه جعل يد رجل بين إصبعيه فكسرها اهـ. وكانت وفاته فى يوم الخميس تاسع عشر ربيع الأوّل، وتخلّف من بعده ابنه هارون الواثق.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاثة أذرع واثنان وعشرون إصبعا، مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وتسعة أصابع.