ما ترى؛ قال: أقول: إنه قد استحسنت ما رأيت منّا؛ فقلت: أىّ خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول: القرآن مخلوق! فورد على قلبى أمر عظيم؛ ثم قلت: يا نفس هل تموتين قبل أجلك! فأطرق المهتدى ثم قال: اسمع منّى، فو الله لتسمعنّ الحقّ؛ فسرى فى ذهنى شىء، فقلت: ومن أولى بقول الحق منك، وأنت خليفة ربّ العالمين وابن عمّ سيد المرسلين! قال: ما زلت أقول: القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق حتى أقدم شيخا من أذنة «١» فأدخل مقيّدا، وهو جميل حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيا منه ورقّ له؛ فما زال يدنيه حتى قرب منه وجلس، فقال له: ناظر ابن أبى دواد؛ فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه يضعف عن المناظرة؛ فغضب وقال:
أبو عبد الله يضعف عن مناظرتك أنت!. قال: هوّن عليك وأذن لى فى مناظرته؛ فقال: ما دعوناك إلّا لذلك؛ فقال: احفظ علىّ وعليه. فقال: يا أحمد، أخبرنى عن مقالتك هذه، هى مقالة واجبة داخلة فى عقد الدّين فلا يكون الدين كاملا حتى يقال فيه ما قلت؟ قال: نعم. قال: أخبرنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه الله، هل ستر شيئا مما أمر به؟ قال: لا. قال: فدعا الى مقالتك هذه؟
فسكت. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين واحدة؛ فقال الواثق: واحدة. فقال الشيخ:
أخبرنى عن الله تعالى حين قال: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
أكان الله هو الصادق فى إكمال دينه، أم أنت الصادق فى نقصانه حتى تقال مقالتك؟ فسكت؛ فقال الشيخ: ثنتان؛ قال الواثق: نعم. فقال: أخبرنى عن مقالتك هذه، أعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم جهلها؟ قال: علمها؛ قال: فدعا الناس إليها؟ فسكت.
فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ثلاث؛ قال: نعم. قال: فاتّسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن علمها أن يمسك عنها ولم يطالب أمّته بها؟ قال: نعم؛ قال: واتّسع لأبى بكر