للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمر وعثمان وعلىّ ذلك؟ قال: نعم؛ فأعرض الشيخ عنه وأقبل على الواثق وقال: يا أمير المؤمنين، قد قدّمت القول أنّ أحمد يصبو «١» ويضعف عن المناظرة؛ يا أمير المؤمنين إن لم يتّسع لك من الإمساك عن هذه المقالة كما زعم هذا أنه اتّسع للنبىّ صلى الله عليه وسلم ولأبى بكر وعمر وعثمان وعلىّ فلا وسّع الله عليك؛ قال الواثق: نعم كذا هو، قطّعوا قيد الشيخ، فلما قطّعوه ضرب الشيخ بيده الى القيد فأخذه؛ فقال الواثق:

لم أخذته؟ قال: إنّى نويت أن أتقدّم إلى من أوصى اليه إذا أنا متّ أن يجعله بينى وبين كفنى حتى أخاصم به هذا الظالم عند الله يوم القيامة، فأقول: يا ربّ لم قيّدنى وروّع أهلى، ثم «٢» بكى، فبكى الواثق وبكينا. ثم سأله الواثق أن يجعله فى حلّ وأمر له بصلة؛ فقال: لا حاجة لى بها. قال المهتدى: فرجعت عن هذه المقالة، وأظنّ أنّ الواثق رجع عنها من يومئذ اهـ.

قلت: ولما وقع ذلك كتب للأقطار برفع المحنة والسكوت عن هذه المقالة بالجملة، وهدّد كلّ من قال بها بالقتل.

وكان هرثمة هذا يحبّ السّنّة، فأخذ فى إظهار السنّة والعمل بها، وفرح الناس بذلك وتباشروا بولايته؛ فلم تطل مدّته على إمرة مصر بعد ذلك حتى مرض ومات بها فى يوم الأربعاء لسبع بقين من شهر رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين؛ واستخلف ابنه حاتم بن هرثمة على صلاة مصر. وكانت ولاية هرثمة المذكور على مصر سنة واحدة وثلاثة أشهر وثمانية أيام. وهذا ثانى هرثمة ولى إمرة مصر فى الدولة العباسيّة، فالأوّل هرثمة بن أعين، ولّاه الرشيد هارون على مصر سنة ثمان