للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنوّه بذكره؛ حتى اتصل بعده بالمعتصم، ثم استوزره الواثق. وكان أديبا فاضلا شاعرا عارفا بالنّحو واللغة جوادا ممدّحا، ومن شعره على ما قيل قوله:

فإن سرت بالجثمان عنكم فإنّنى ... أخّلف قلبى عندكم وأسير

فكونوا عليه مشفقين فإنّه ... رهين لديكم فى الهوى وأسير

قلت: وما أحسن قول القاضى ناصح الدّين الأرّجانىّ فى هذا المعنى:

لم يبكنى إلا حديث فراقهم ... لمّا أسرّ به إلىّ مودّعى

هو ذلك الدرّ الذي أودعتم ... فى مسمعى أجريته من مدمعى

قلت: وهذا مثل قول الزمخشرىّ فى قوله لمّا رثى شيخه أبا مضر- والله أعلم من السابق لهذا المعنى لأنهما كانا متعاصرين-:

وقائلة ما هذه الدّرر التى ... تساقط من عينيك سمطين سمطين

فقلت لها الدّرّ الذي كان قد حشا ... أبو مضر أذنى تساقط من عينى

وفيها توفى الإمام الحافظ الحجة يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام- وقيل: غياث بدل عون- أبو زكريا المرّىّ (مرّة بن غطفان مولاهم) البغدادىّ الحافظ المشهور، كان إمام عصره فى الجرح والتّعديل وإليه المرجع فى ذلك، وكان يتفقّه بمذهب الإمام أبى حنيفة.

قال الإمام محمد بن إسماعيل البخارىّ: ما استصغرت نفسى إلّا عند يحيى بن معين. ومولده فى سنة ثمان وخمسين ومائة، فهو أسنّ من علىّ بن المدينىّ، وأحمد بن حنبل، وأبى بكر بن أبى شيبة، وإسحاق بن راهويه، وكانوا يتأدّبون معه ويعرفون له فضله، وروى عنه خلائق لا تحصى كثرة.