للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأحد، وعلم أنه سيحدث في العالم أمر عظيم؛ ثم رأى بعد مدة مناماً آخر أزعجه أكثر من الأول، فدخل إلى هيكل الشمس وتضرع ومرغ وجهه على التراب وبكى، فلما أصبح جمع رؤساء الكهنة من جميع أهل مصر، وكانوا مائة وثلاثين كاهناً، فخلا بهم وذكر لهم ما رآه أولاً وآخراً، فأولوه بأمر عظيم يحدث في العالم؛ ثم حكى بعض الكهنة أيضاً: أنه رأى مناماً أعظم من هذا المنام في معناه، ثم أخذوا الارتفاع وأخبروه بالطوفان وبعده بالنار التي تخرج من برج الأسد؛ فقال: انظروا، هل تلحق هذه الآفة بلادنا؟ فقالوا: نعم، فأمر ببناء الأهرام وجعل في داخله الطلسمات والأموال وأجساد ملوكهم، وأمر الكهنة أن يزبروا عليها جميع ما قالته الحكماء، فزبروا فيها وفي سقوفها وحيطانها جميع العلوم الماضية، وصوروا فيها صور الكواكب وعليها الطلسمات، وجعل طول كل هرم مائة ذراع، بالذراع الملكي (وهو خمسمائة ذراع بذراعنا الآن «١» ) . ولما فرغت كساها الديباج الملون وعمل لهم عيداً حضره أهل ملتهم؛ ثم عمل فى الهرم الغربىّ حجارة صوان ملونة ملئت بالأموال الجمة، والآلات والتماثيل المعمولة من الجواهر النفيسة، وآلات الحديد الفاخرة، والسلاح الذي لا يصدأ، والزجاج الذي ينطوى ولا ينكسر، وأصناف العقاقير والسموم القاتلة؛ ثم عمل في الهرم الشرقي أصناف القباب الفلكية والكواكب، وما عمله أجداده من أشياء يطول شرحها اهـ.

[ويقال «٢» : إنّ هرمس المثلث بالحكمة وهو الذي تسميه العبرانيون خنوخ وهو إدريس عليه السلام استدل من أحوال الكواكب على كون الطوفان، فأمر ببناء الأهرام وإيداعها الأموال وصحائف العلوم، وما يخاف عليه الذهاب والدّثور؛ وكل