اثنى عشر ذراعا، وأن يقرّ ما بعدهما على الأصل، وأن ينقص من كل ذراع بعد الستة عشر ذراعا إصبعين؛ ففعل ذلك وبناه عمرو (أعنى المقياس) بحلوان؛ فاجتمع له كلّ ما أراد.
وقال ابن عفير وغيره من القبط المتقدّمين: اذا كان الماء فى اثنى عشر يوما من مسرى اثنى عشر ذراعا فهى سنة ماء، وإلا فالماء ناقص؛ وإذا تمّ ستة عشر ذراعا قبل النّوروز فالماء يتمّ. فاعلم ذلك.
قلت: وهذا بخلاف ما عليه الناس الآن؛ لأن الناس لا يقنعهم فى هذا العصر إلا المناداة من أحد وعشرين ذراعا، لعدم معرفتهم بقوانين مصر، ولأشياء أخر تتعلّق بما لا ينبغى ذكره.
وقد خرجنا عن المقصود فى ترجمة يزيد بن عبد الله هذا، غير أننا أتينا بفضائل وغرائب. ودام يزيد بن عبد الله على إمرة مصر إلى أن مات الخليفة المتوكّل على الله جعفر، ويخلّف بعده ابنه المنتصر محمد. وقتل أيضا الفتح بن خاقان مع المتوكّل، وكان الفتح قد ولّاه المتوكّل أمر مصر وعزل عنه ابنه محمدا المنتصر هذا. وكان قتل المتوكّل فى شوّال من سنة سبع وأربعين ومائتين التى بنى فيها هذا المقياس. ولمّا بويع المنتصر بالخلافة أرسل الى يزيد بن عبد الله المذكور باستمراره على عمله بمصر.
فدام يزيد بن عبد الله هذا على ذلك إلى أن مات الخليفة المنتصر فى شهر ربيع الأوّل سنة ثمان وأربعين ومائتين، وبويع المستعين بالله بالخلافة. [و] أرسل المستعين إليه بالاستسقاء لقحط كان بالعراق؛ فاستسقوا بمصر لسبع عشرة خلت من ذى القعدة، واستسقى جميع أهل الآفاق فى يوم واحد؛ فإن المستعين كان قد أمر سائر عمّاله