وهذا الجامع على جبل يشكر- كما ذكرناه- وهو مكان مشهور بإجابة الدعاء، وقيل: إنّ موسى عليه السلام ناجى ربّه- جلّ جلاله- عليه بكلمات. ويشكر المنسوب إليه هذا الجبل هو ابن جزيلة من لخم. انتهى.
وأنفق ابن طولون على البيمارستان ستين ألف دينار، وعلى حصن «١» الجزيرة ثمانين ألف دينار، وعلى الميدان خمسين ألف دينار؛ وحمل إلى الخليفة المعتمد فى مدة أربع سنين ألفى ألف دينار ومائتى ألف دينار. وكان خراج مصر فى أيامه أربعة آلاف ألف وثلثمائة ألف دينار؛ هذا مع كثرة صدقاته وإنفاقه على مماليكه وعسكره.
وقد قال له وكيله «٢» فى الصدقات: ربما امتدّت الىّ الكفّ المطوّقة والمعصم فيه السّوار والكمّ الناعم، أفأمنع هذه الوظيفة؟ «٣» فقال له: ويحك! هؤلاء المستورون الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، احذر أن تردّ يدا امتدّت اليك.
وقيل: إنه حسّن له بعض التجار التجارة، فدفع له أحمد بن طولون خمسين ألف دينار يتّجر له بها؛ فرأى ابن طولون بعد ذلك فى منامه كأنه يمشمش عظما، فدعا المعبّر وقصّ عليه؛ فقال: قد سمت همّتك إلى مكسب لا يشبه خطرك «٤» ؛ فأرسل ابن طولون فى الحال إلى التاجر وأخذ المال منه فتصدّق به.