للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمود، وقال آخر: ليست له ميضأة؛ فبلغه ذلك فجمع الناس وقال: أما المحراب فإنى رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد خطّه لى فى منامى، وأصبحت فرأيت النمل قد طافت بذلك المكان الذي خطّه لى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وأما العمد فإنّى بنيت هذا الجامع من مال حلال وهو الكنز، وما كنت لأشوبه بغيره؛ وهذه العمد إما أن تكون فى مسجد أو كنيسة فنزّهته عنها؛ وأما الميضأة فإنّى نظرت فوجدت ما يكون بها من النجاسات فطهّرته عنها، وهأنا أبنيها خلفه، وأمر ببنائها.

وقيل: إنه لمّا فرغ من بنائه رأى فى منامه كأنّ نارا نزلت من السماء فأخذت الجامع دون ما حوله من العمران؛ فلمّا أصبح قصّ رؤياه فقيل له: أبشر بقبول الجامع المبارك، لأنّ النار كانت فى الزمن الماضى إذا قبل الله قربانا نزلت نار من السماء أخذته، ودليله «١» قصة قابيل وهابيل «٢» .

وكان حول الجامع العمران ملاصقة له، حتى قيل: إن مسطبة كانت خلف الجامع، وكانت ذراعا فى ذراع لا غير، فكانت أجرتها فى كلّ يوم اثنى عشر درهما:

فى بكرة النهار يقعد فيها شخص يبيع الغزل ويشتريه بأربعة دراهم؛ ومن الظهر الى العصر لخبّاز بأربعة دراهم؛ ومن العصر الى المغرب لشخص يبيع فيها الحمّص والفول بأربعة دراهم. قلت: هذا مما يدل على أن الجامع المذكور كان فى وسط العمران.