المذكور بعد الخليفة وترك الدعاء عليه؛ فإنه كان يدعى عليه بمصر من مدّة سنين من أيام إمارة أبيه أحمد بن طولون من يوم وقّع بين الموفّق وبين أحمد بن طولون، وخلع ابن طولون الموفّق من ولاية عهد الخلافة، وأمر القاضى بكّار بن قتيبة بخلعه فلم يوافقه بكّار على ذلك، فحبسه أحمد بن طولون بهذا المقتضى. وقد ذكرنا ذلك كلّه في آخر ترجمة أحمد بن طولون.
ولما اصطلح خمارويه مع الموفّق عظم أمره وسكنت الفتنة، فإنه كان في كل قليل يخرج العساكر المصريّة لقتال عسكر الموفّق، فلما اصطلحا زال ذلك كلّه؛ وأخذ خمارويه في إصلاح ممالكه، وولّى بمصر على المظالم [محمد «١» بن] عبدة بن حرب. ثم بلغ خمارويه مسير محمد بن [ديوداد] أبى السّاج الى أعماله بمصر، فخرج بعساكره في ذى القعدة ولقيه بثنيّة «٢» العقاب في دمشق، وقاتله واشتدّ الحرب بين الفريقين وانكسر عساكر خمارويه، فثبت هو مع خاصّته على عادته وقاتل ابن أبى الساج حتى هزمه أقبح هزيمة، وقتل في أصحابه مقتلة عظيمة وأسروغنم، وعاد الى الديار المصرية فدخلها في رابع عشرين جمادى الآخرة سنة ست وسبعين ومائتين؛ فأقام بمصر مدّة يسيرة وخرج الى الإسكندرية في رابع شوّال، ثم عاد إلى مصر بعد مدّة يسيرة فأقام بها قليلا؛ ثم خرج الى الشام في سنة سبع وسبعين ومائتين لأمر اقتضى ذلك، وعاد بعد أيام إلى الديار المصريّة، فورد عليه الخبر بها بموت الموفّق فى سنة ثمان وسبعين ومائتين؛ ثم ورد عليه الخبر في سنة تسع وسبعين ومائتين بموت الخليفة المعتمد؛ وبويع بالخلافة المعتضد أبو العباس أحمد بن الموفّق طلحة بعد عمّه المعتمد؛ فبعث خمارويه إلى المعتضد بهدايا وتحف، فسأله أن يزوّج