ابنته قطر الندى «١» لولده المكتفى بالله؛ فقال المعتضد: بل أنا أتزوّجها، فتزوّجها فى سنة إحدى وثمانين ومائتين، ودخل بها ببغداد في آخر العام، وأصدقها ألف ألف درهم. يقال. إنّ المعتضد أراد بزواجها أن يفقر أباها خمارويه في جهازها؛ وكذا وقع، فإنّه جهّزها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف، حتى قيل: إنّه دخل معها فى جملة جهازها ألف هاون من الذهب. ولما تصاهر خمارويه مع المعتضد زالت الوحشة من بينهما، وصار بينهما مودّة كبيرة. وولّاه المعتضد من الفرات إلى برقة ثلاثين سنة؛ وجعل إليه الصّلاة والخراج [والقضاء «٢» ] بمصر وجميع الأعمال، على أنّ خمارويه يحمل إلى المعتضد في العام مائتى ألف دينار عما مضى، وثلثمائة ألف دينار عن المستقبل. ثم قدم بعد ذلك رسول المعتضد إلى خمارويه بالخلع وكانت اثنتى عشرة خلعة وسيفا وتاجا ووشاحا. انتهى ما سقناه من وقائع خمارويه. ولا بدّ من ذكر شىء من أحواله وما جدّده في الديار المصرية من شعار الملك في أيام إمرته بها.
ولما ملك خمارويه الديار المصريّة بعد موت أبيه أحمد بن طولون أقبل على عمارة قصر أبيه وزاد فيه محاسن كثيرة؛ وأخذ الميدان الذي كان لأبيه المجاور للجامع فجعله كلّه بستانا، وزرع فيه أنواع الرياحين وأصناف الشجر، وحمل إليه كلّ صنف من الشجر المطعّم وأنواع الورد، وزرع فيه الزعفران، وكسا أجسام النخل نحاسا مذهبا حسن الصنعة، وجعل بين النّحاس وأجسام النخل مزاريب الرّصاص، وأجرى فيها الماء المدبّر؛ فكان يخرج من تضاعيف قائم النخل عيون الماء فينحدر الى