حياء من الخدم؛ فأمر خمارويه أن يضرب، فلم يزل يصيح حتى مات في الحمّام، فأبغضه الخدم. وكان قد بنى قصرا بسفح قاسيون «١» أسفل من دير مرّان «٢» يشرب فيه [الخمر «٣» ] ، فدخل تلك الليلة الحمّام «٤» فذبحه خدمه، وقيل: ذبحوه على فراشه وهربوا، وقيل غير ذلك: إنّ بعض «٥» خدمه يولع بجارية له فتهدّدها خمارويه بالقتل، فاتّفقت مع الخادم على قتله. وكان ذبحه في منتصف ذى الحجة، وقيل: لثلاث خلون منه من سنة اثنتين وثمانين ومائتين. وكان الأمير طغج بن جفّ معه في القصر في تلك الليلة، فبلغه الخبر فركب في الحال وتتبّع الخدم وكانوا نيّفا وعشرين خادما، فأدركهم وقبض عليهم وذبحهم وصلبهم، وحمل أبا الجيش خمارويه في تابوت من دمشق إلى مصر وصلّى عليه ابنه جيش ودفن. ويقال: إنّه دفن بالقصر إلى جانب أبى عبيدة البرانىّ «٦» ؛ فرآه بعض أصحابه في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال:
غفر لى بالقرب من أبى عبيدة ومجاورته. انتهى كلام صاحب المرآة. وقال غيره: قتل على فراشه، ذبحه جواريه وخدمه وحمل في صندوق الى مصر.
وكان لدخول تابوته إلى مصر يوم عظيم، استقبله جواريه وجوارى غلمانه ونساء قوّاده بالصّياح وما تصنع النساء في المآتم؛ وخرج الغلمان وقد حلّوا أقبيتهم وفيهم من سوّد ثيابه وشقّها، فكانت في البلد ضجّة وصرخة حتى دفن. وكانت مدّة ملكه