فتقدّموه وركب من داره فلما جاوز داره قليلا لقيه برمش فضرب بيده على شكيمة فرسه، وقال له: أنت خليفة أبيه وخليفته، ونصف ذنبه لك، وجرّه جرّا؛ وبينما هو في ذلك إذ أقبل علىّ بن أحمد فقبض على الآخر وقال له: أنت وزيره وكاتبه وعليك ذنبه، لأنه كان يجب عليك تقويمه وتعريفه ما يجب عليه، فصعد بالاثنين جميعا الى المنظر وقعد معهما كالملازم «١» ، وبينهما هو على ذلك إذ خطر على قلبه شىء، فقام الى دابته وتركهما ومضى نحو باب المدينة، فوثب من فوره ابن أبىّ «٢» الى دابّته وركبها وقال لعلىّ ابن أحمد: اركب والحقنى، وحرّك دابّته فإنه كان أحسّ الموت، ثم جاءه الخلاص من الله؛ وركب بعده علىّ بن أحمد، فلم يتحاوز المنظر حتى لحقه طائفه من الرّجّالة فقتلوه؛ ومرّ ابن أبىّ إلى نحو المعافر «٣» فتكمّن هناك واختفى؛ وعاد برمش فلم يجد ابن أبىّ، فمضى من فوره وهجم على جيش وقبض عليه، حسبما ذكرناه من خلعه وحبسه. وورّى جثّة علىّ بن أحمد؛ وسلم ابن أبىّ. فقال بعضهم في علىّ بن أحمد:
أحسن الى الناس طرّا ... فأنت فيهم معان
واعلم بأنك يوما ... كما تدين تدان
وقيل في أمر جيش المذكور وجه آخر، وهو أنه لمّا وقع من أمر القوّاد ما وقع خرج أبو العساكر جيش الى متنزّه له بمنية الأصبغ «٤» غير مكترث بما وقع له، وبينما هو في ذلك ورد عليه الخبر بوثوب الجند عليه، وقالوا له: لا نرضى بك أبدا