فتنحّ عنّا حتى نولّى عمّك نصر بن أحمد بن طولون؛ فخرج اليهم كاتبه علىّ بن أحمد الماذرائىّ، الذي تقدّم ذكر قتله، وسألهم «١» أن ينصرفوا عنه يومهم فانصرفوا؛ فقام جيش المذكور من وقته ودخل على عمّه نصر وكان في حبسه فضرب عنقه وعنق عمّه الآخر، ورمى برأسيهما «٢» الى الجند، وقال: خذوا أميركم؛ فلما رأوا ذلك هجموا عليه وقتلوه وقتلوا أمّه معه ونهبوا داره وأحرقوها وأقعدوا أخاه هارون بن خمارويه فى الإمرة مكانه. ثم طلب علىّ بن أحمد الماذرائىّ كاتبه المقدّم ذكره وقتلوه، وقتلوا أيضا بندقوش وابن البواش، ونهبت دار جيش؛ قوقع في أيدى الجند من نهبها ما يملأ قلوبهم وعيونهم، حتى إنّ بعضهم من كثرة ما حصل له ترك الجنديّة وسكن الريف، وصار من مزارعيه وتجّاره. وقال العلامة شمس الدين يوسف ابن قزأوغلى في مرآة الزمان وجها آخر في قتل جيش هذا، فقال: ولى إمرة دمشق بعد موت أبيه بمدّة يسيرة، ثم خرج الى مصر في هذه السنة- يعنى سنة ثلاث «٣» وثمانين ومائتين- واستعمل على دمشق طغج بن جفّ؛ فلما دخل الى مصر لم يرض به أهلها، وقالوا: نريد أبا العشائر هارون؛ فوثب عليه هارون فقتله في جمادى الآخرة، وكانت ولايته خمسة «٤» أشهر، واستولى على مصر.
قال ربيعة بن أحمد بن طولون: لما قتل أخى خمارويه ودخل ابنه جيش مصر قبض علىّ وعلى عمّيه نصر وشيبان ابنى أحمد بن طولون، وحبسهما في حجرة معى في الميدان، وكان كلّ يوم تأتينا المائدة عليها الطعام فكنّا نجتمع عليها؛ فجاءنا