فقال ابن الرّومى: وا غوثاه! لا يكلّف الله نفسا إلّا وسعها، ذلك إنما يصف ماعون بيته لأنه ابن الخلفاء، وأنا مشغول بالتصرّف في الشعر وطلب الرزق به، أمدح هذا مرّة، وأهجو هذا كرّة، وأعاتب هذا تارة، وأستعطف هذا طورا. انتهى.
وفيها توفّى علىّ بن محمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب الأموىّ البصرىّ قاضى القضاة أبو الحسن، كان ولى القضاء بسرّمن رأى، وكان عالما عفيفا ثقة. وفيها توفّى الوليد بن عبيد بن يحيى [بن عبيد «١» ] بن شملال، أبو عبادة الطائىّ البحترىّ الشاعر المشهور، أحد فحول الشعراء وصاحب الديوان المعروف به، كان حامل لواء الشعر فى عصره، مدح الخلفاء والوزراء والملوك، وأصله من أهل منبج «٢» وقدم دمشق صحبة المتوكّل، ووصل الى مصر الى خمارويه. حكى أن المتوكّل قال له يوما: يا بحترىّ، قل في راح بيت شعر ولا تصرح باسمه؛ فقال:
جاز «٣» بالودّ فتى أم ... سى رهينا بك مدنف
اسم من أهواه في ... شعرى مقلوب مصحّف
ومن شعره في المتوكّل أيضا من قصيدة:
فلو «٤» انّ مشتاقا تكلّف غير ما ... فى وسعه لسعى اليك المنبر