جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وتمّ أمره وكانت بيعته من غير عطاء للجند، وهو من الغرائب، وبايعوه طوعا أرسالا «١» ولم يمتنع عليه أحد، وجعلوا أبا جعفر ابن أبّى خليفته والمؤيّد لأمره ولتدبيره؛ وسكنت ثائرة الحرب وقرّ قرار الناس وقتل غالب أصحاب جيش ولم يسلم منهم إلا عبد الله بن الفتح، واستتر أبو عبد الله «٢» القاضى خوفا من مثل مصرع على بن أحمد لأنه يعلم ما كان له في نفوس الناس، وما ظهر إلا في اليوم الذي دخل فيه محمد بن سليمان البلد، وقلّد القضاء بعده أبو زرعة محمد بن عثمان من أهل دمشق، وأخرج جيش بعد أيام ميّتا، ثم بعد أيام أمر أبو جعفر بن أبّى ربيعة بن أحمد بن طولون أن يخرج الى الإسكندرية فيسكنها هو وولده وحريمه ويبعد عن الحضرة، فتوجّه الى الإسكندرية وأقام بها على أجمل وجه الى أن حرّكه أجله، وكاتبه قوم ووثّبوه وقالوا له: أنت رجل كامل مكمّل التدبير، وقد تقلّدت البلدان وأحسنت سياستها، ولو كشفت وجهك لتبعك أكثر الجيش؛ فأطاعهم وأقبل ركضا فسبق من كان معه، فلم يشعر الناس به إلا وهو بالجبل المقطم «٣» وحده ومعه غلام له نوبىّ وبيده مطرد «٤» ينشد الناس لنفسنه «٥» ويدعوهم إلى ما كاتبوه؛ واتّصل خبره بابن أبّى فبعث النقباء الى الناس وأمرهم بالركوب، فركب الناس وأقبلوا يهرعون من كلّ جانب. ونزل ربيعة مدلّا بنفسه وكان من