وقد لقّب بالقرمطىّ، وكان من أصحاب بدر رجل يقال له زهير، فحلف زهير المذكور بالطلاق إنه متى وقع بصره على القرمطىّ ليرمينّ بنفسه عليه وليقصدنّه حيث كان؛ فلما تصافّ العسكران سأل زهير المذكور عن القرمطىّ، فقيل له: هو الراكب على الجمل، وله كمّان طويلان يشير بهما، فحيث أومأ بكمّة «١» حملت عساكره؛ فقال زهير:
أرى على الجمل اثنين، أهو المقدّم أم الرّديف؟ قالوا: بل هو الرديف؛ فجعل زهير يشقّ الصفوف حتى وصل إليه فطعنه طعنة وقطّره «٢» عن جمله صريعا؛ فلما رآه أصحابه مصروعا حملوا على المصريّين والشاميّين حملة واحدة شديدة هزموهم فيها وقتلوا منهم خلقا كثيرا، ثم أقاموا عليهم أخا القرمطىّ ورأّسوه عليهم. وأقبل زهير المذكور الى بدر الحمّامىّ فقال له: قد قتلت الرجل؛ فقال له بدر: فأين رأسه؟ فرجع ليأخذ رأسه فقتل زهير قبل ذلك؛ ثم كانت لهم بعد ذلك وقائع كثيرة والقرمطىّ فيها هو الظافر، فقتل من قوّاد المصريين وفرسانهم خلق كثير، وطالت مقاومته معهم حتى سمع بذلك المكتفى الخليفة العباسىّ وكان متيقّظا في هذا الحال يرى الإنفاق فيه سهلا ويقول: المبادرة في هذا أولى، فبادر بإرسال جيش كثيف نحوه، وجعل على الجيش محمد بن سليمان الذي كان كاتبا للؤلؤ غلام أحمد بن طولون الآتى ذكره في عدّة أماكن؛ وسار الجيش نحو البلاد الشاميّة؛ فلما أحسّ القرمطىّ بحركة محمد بن سليمان المذكور من العراق عدل عن دمشق الى نواحى حمص؛ فقتل منهم مقتلة عظيمة وسبى النساء وعاث في تلك النواحى وعظم شأنه وكثر أعوانه ودعا لنفسه وخطب على المنابر باسمه وتسمّى بالمهدىّ؛ وكان له شامة «٣» زعم