فقال له: ضربت عنقه؟ فسكت، فأعاد عليه القول فسكت؛ فاستشاط أحمد ابن طولون غيظا ثم أمره بقتله؛ فقال لؤلؤ: يا مولاى بأىّ ذنب «١» تقتله؟ فقال:
إنى أرى في هذا الكتاب «٢» من منذ سنين أن زوال ملك ولدى يكون على يد رجل هذه صفته فقال: يا مولاى، أو هذا صحيح؟ قال: هذا الذي رأيته وتفرّسته؛ فقال: يا مولاى، لا يخلو هذا الأمر من أن يكون حقّا أو كذبا، فإن كان كذبا فما لنا والدخول في دم مسلم! وإن كان حقّا فلعلّنا نفعل معه خيرا علّه يكافئ به يوما، وإن كان الله قدّر ذلك فإنا لا نقدر على قتله أبدا؛ فسكت أحمد بن طولون، فأضافه لؤلؤ إليه؛ وكان هذا الشابّ يسمى محمد بن سليمان الكاتب الحنيفىّ، منسوب إلى حنيفة السّمرقندىّ، فلم تزل الأيام تنتقل بمحمد المذكور والدّهر يتصرّف فيه إلى أن بقى ببغداد قائدا من جملة القوّاد، وجرى من أمره ما تقدّم ذكره من قتال القرامطة وهارون صاحب مصر، إلى أن ملك الديار المصريّة وأمسك الطولونيّة وخرّب منازلهم، وهدم القصر المسمّى بالميدان الذي كان سكن أحمد بن طولون، وتتبّع أساسه حتى أخرب الديار ومحا الآثار، ونقل ما كان بمصر من ذخائر بنى طولون إلى العراق. وقال صاحب كتاب الذخائر: إن محمد بن سليمان المذكور رجع إلى العراق فى سنة اثنتين وتسعين ومائتين ومعه من ذخائر بنى طولون أموال عظيمة، يقال: إنّه كان معه أكثر من ألف ألف دينار عينا، وإنّه حمل إلى الخليفة الإمام المكتفى من الذخائر والحلىّ والفرش أربعة وعشرين ألف حمل جمل، وحمل آل طولون معه إلى بغداد؛ وأخذ محمد بن سليمان لنفسه وأصحابه غير ذلك ما لا يحصى كثرة. ولما وصل محمد بن سليمان إلى حلب متوجّها إلى العراق، كتب الخليفة المكتفى إلى وصيف مولى المعتضد أن يتوكّل بإشخاص محمد بن سليمان المذكور؛ فأشخصه