للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت ولايته على مصر ثمانى سنين وثمانية أشهر وأيّاما؛ وتولّى عمّه شيبان مصر بعده.

وقال سبط ابن الجوزىّ في تاريخه: وفيها- يعنى سنة اثنتين وتسعين ومائتين- فى صفر سار محمد بن سليمان إلى مصر لحرب هارون بن خمارويه، وخرج إليه هارون فى القوّاد فجرت بينهم وقعات؛ ثم وقع بين أصحاب هارون في بعض الأيام عصبيّة، فاقتتلوا، فخرج هارون ليسكتهم فرماه بعض المغاربة بسهم فقتله وتفرّقوا؛ فدخل محمد بن سليمان مصر وملكها واحتوى على دور آل طولون وأسبابهم وأخذهم جميعا، وكانوا بضعة عشر رجلا، فقيّدهم وحبسهم واستصفى أموالهم وكتب بالفتح إلى المكتفى. وقيل: إن محمد بن سليمان لمّا قرب من مصر أرسل الى هارون يقول:

إن الخليفة قد ولّانى مصر ورسم أن تسير بأهلك وحشمك إلى بابه إن كنت مطيعا، وبعث بكتاب الخليفة إلى هارون؛ فعرضه هارون على القوّاد فأبوا عليه فخرج هارون؛ فلمّا وقع المصافّ صاح هارون: يا منصور؛ فقال القوّاد: هذا يريد هلا كنا، فدسّوا عليه خادما فقتله على فراشه وولّوا مكانه شيبان بن أحمد بن طولون؛ ثم خرج شيبان الى محمد مستأمنا. وكتب الخليفة إلى محمد بن سليمان في إشخاص آل طولون وأسبابهم والقوّاد وألّا يترك أحدا منهم بمصر والشأم؛ فبعث بهم إلى بغداد فحبسوا في دار صاعد. انتهى ما أوردناه من ترجمة هارون من عدّة أقوال بخلف وقع بينهم فى أشياء كثيرة.

وأما محمد بن سليمان المذكور فأصله كاتب الخادم لؤلؤ الطولونىّ. قال القضاعىّ:

يقال: إن أحمد بن طولون جلس يوما في بعض متنزّهاته ومعه كتاب ينظر فيه، وإذا بشابّ قد أقبل، فالتفت أحمد الى لؤلؤ الطولونىّ وقال. اذهب وأتنى برأس هذا الشابّ؛ فنزل إليه لؤلؤ وسأله من أىّ بلد هو وما صنعته؟ فقال: من العراق من أبناء الكتّاب؛ فقال له: وما أتيت تطلب؟ قال: رزقا؛ فعاد لؤلؤ إلى أحمد بن طولون؛