وقيل: إن ذلك كان بمساعدة بعض عمومته في ذلك، وأصبح الناس وأميرهم مذبوح وقد تفرّقت الظنون في قاتله؛ فنهض عمّه شيبان بن أحمد بن طولون ودعا لنفسه، وضمن للناس حسن القيام بأمر الدولة والإحسان لمن ساعده، فبايعه الناس على ذلك. انتهى. وقد ذكر بعضهم قصّة هارون هذا بطريق آخر قال: واستمرّ هارون هذا في إمرة مصر من غير منازع؛ لكن أحوال مصر كانت في أيّامه مضطربة إلى أن ورد عليه الخبر بموت الخليفة المعتضد بالله في شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين، وبويع لابنه محمد المكتفى بالخلافة. ثم خرج القرمطىّ بالشأم في سنة تسعين، فجهّز هارون لحربه القوّاد في جيش كبير فهزمهم القرمطىّ؛ ثم وقع بين هارون وبين الخليفة المكتفى وحشة وتزايدت الى أن أرسل المكتفى لحربه محمد بن سليمان الكاتب؛ فسار محمد بن سليمان من بغداد إلى أن نزل حمص وبعث بالمراكب من الثغور الى سواحل مصر وسار هو حتى نزل بفلسطين؛ فتجهّز هارون أيضا لقتال محمد ابن سليمان المذكور وسيّر المراكب في البحر لحربه وفيها المقاتلة، حتى التقوا بمراكب محمد بن سليمان وقاتلوهم فانهزموا؛ وكان القتال في تنّيس وملك أصحاب محمد بن سليمان تنّيس ودمياط؛ وكان هارون قد خرج من مصر يوم التّروية «١» لقتال محمد بن سليمان، فلما بلغه الخبر توجّه الى العبّاسة ومعه أهله وأعمامه في ضيق وجهد، فتفرّق عنه كثير من أصحابه وبقى في نفر يسير، وهو مع ذلك متشاغل باللهو والسكر؛ فاجتمع عمّاه شيبان وعدىّ ابنا أحمد بن طولون على قتله، فدخلا عليه وهو ثمل فقتلاه ليلة الأحد لإحدى عشرة بقيت من صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وسنّه يومئذ اثنتان وعشرون سنة؛