وخطب له يوم الجمعة على سائر منابر مصر، ثم أخذ في العطاء «١» للجند، فلم يجد من المال سعة فقلق، فسعى إليه ساع بأن أمّ هارون المقتول أودعت ودائع لها في بعض الدّور التى للتّجار بمدينة الفسطاط- أعنى مصر- فوجّه شيبان بأبى جيشون أحد إخوته إلى هذه الدّور حتى استخرج منها خبايا كانت لأمّ هارون، وحمل ذلك إلى أخيه شيبان فى أعدال محزومة لا يدرى ما فيها؛ وانتهى الخبر إلى الحسين بن حمدان بأن هارون صاحب مصر قد قتل، وكان على مقدّمة عسكر محمد بن سليمان الكاتب وهو بجرجير، فرحل عنها يريد العبّاسة، فلقيه في طريقه محمد بن أبىّ مع جميع الرؤساء الذين كانوا معه، فصار الحسين في عسكر كبير؛ وبلغ ذلك أيضا محمد بن سليمان الكاتب فحثّ فى مسيره حتى لحق بمقدّمة الحسين بن حمدان المذكور، وقد انضاف إليه غالب عسكر مصر الذي وصل مع أبى جعفر بن أبّى وغيره؛ وعند ما اجتمع الجميع وصل إليهم أيضا دميانة البحرىّ في ثمانية عشر مركبا حربيّا مشحونة «٢» بالرجال والسّلاح وذلك فى يوم الثلاثاء ثامن عشرين صفر، فضرب جسر مصر الشرقىّ بالنار وأحرقه عن آخره وأحرق بعض الجسر الغربىّ، ثم وافى محمد بن سليمان الكاتب بعسكره حتى نزل بباب مصر، فضرب خيامه بها في يوم الأربعاء. تاسع عشرين صفر، كل ذلك في سنة