منهم خلق كثير، حتى صارت خرابا يبابا «١» ، وزالت دولة بنى طولون كأنّها لم تكن.
وكانت مدّة تغلّب شيبان هذا على مصر تسعة أيّام، منها أربعة أيّام كان فيها أمره ونهيه؛ ثم دخلت الأعراب الخراسانيّة من عساكر محمد بن سليمان الكاتب الى مدينة مصر فكسروا جيوشها وأخرجوا من كان بها، ثم هجموا [على] دور الناس فنهبوها وأخذوا أموالهم واستباحوا حريمهم وفتكوا في الرعيّة وافتضّوا الأبكار وأسروا المماليك والأحرار من النساء والرجال، وفعلوا في مصر ما لا يحلّه الله من ارتكاب المآثم، ثم تعدّوا الى أرباب الدولة «٢» وأخرجوهم من دورهم وسكنوها كرها، وهرب غالب أهل مصر منها، وفعلوا في المصرييّن مالا يفعلونه في الكفرة؛ وأقاموا على ذلك أيّاما كثيرة مصرّين على هذه الأفعال القبيحة. ثم ضربت خيام محمد بن سليمان على حافة النيل بالموضع المعروف بالمقس «٣» ، ونزلت عساكره معه ومن انضم اليه من عساكر المصريّين بالعبّاسة. ثم أمر محمد بن سليمان أن تحمل الأسارى من المصريّين من الذين كان دميانة أسرهم في قدومه من دمياط على الجمال، فحملوا عليها وعليهم القلانس الطوال وشهرّهم وطيف بهم في عسكره من أوّله الى آخره.
ثم قلّد محمد بن سليمان أصحابه الأعمال بمصر، فكان الذي قلّده شرطة العسكر رجلا يقال له غليوس، وقلّد شرطة المدينة رجلا يقال له وصيف البكتمرىّ «٤» ، وقلّد أبا عبد الله محمد بن عبدة قضاء مصر، كلّ ذلك في يوم الخميس لسبع خلون من شهر ربيع