للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيرويه وألزم أهلها مالا؛ وكان له قائد يسمى مرداويج، فوثب على أسفار المذكور وقتله وملك البلاد مكانه، وأساء السيرة بأصبهان، وجلس على سرير من ذهب وقال:

أنا سليمان بن داود وهؤلاء الشياطين أعوانى. وكان مع هذا سيّئ السيرة في أصحابه؛ فدخل الحمّام يوما فدخل عليه أصحابه الأتراك فقتلوه ونهبوا خزائنه، ومشى الدّيلم بأجمعهم حفاة تحت تابوته أربعة فراسخ. وفيها جاء أبو طاهر القرمطىّ في ألف فارس وخمسة آلاف راجل؛ فجهّز المقتدر لحربه يوسف بن أبى الساج في عشرين ألف فارس وراجل. فلما رآه يوسف احتقره، ثم تقاتلا فكان بينهم مقتلة عظيمة لم يقع في هذه السنين مثلها، أسر فيها يوسف بن أبى الساج جريحا وقتل فيها جماعة كثيرة من أصحابه. وبلغ المقتدر فانزعج وعزم على النّقلة الى شرقىّ بغداد.

وخرج مؤنس بالعساكر الى الأنبار في أربعين ألفا، وانضم إليه أبو الهيجاء عبد الله ابن حمدان وإخوته: أبو الوليد وأبو العلاء وأبو السّرايا في أصحابهم وأعوانهم «١» .

وتقدّم نصر الحاجب، فأشار أبو الهيجاء على مؤنس بقطع القنطرة، فتثاقل مؤنس عن قطعها؛ فقال له أبو الهيجاء: أيها الأستاذ، اقطعها واقطع لحيتى معها فقطعها.

ثم صبّحهم القرمطىّ في ثانى عشر ذى القعدة فأقام بإزائهم يومين. ثم سار القرمطىّ نحو الأنبار، فلم يتجاسر أحد أن يتبعه. ولولا قطع القنطرة لكان القرمطىّ عبر عليها وهزم عسكر الخليفة وملك «٢» بغداد. فانظر الى هذا الخذلان؛ فإن القرمطىّ كان فى دون «٣» الألف ومؤنس الخادم وحده في أربعين ألفا سوى من انضم إليه من بنى حمدان وغيرهم من الملوك مع شدّة بأس مؤنس في الحروب. فما شاء الله كان. ووقع في هذه السنة من القرمطىّ بالأقاليم من البلاء والقتل والسبى والنهب ما لا مزيد عليه.