قلت: وهذا أوّل ظهور بنى بويه. قيل: إنّ بويه كان فقيرا؛ فرأى في منامه أنه بال فخرج من ذكره عمود من نار، ثم تشعّب «١» يمنة ويسرة وأماما وخلفا حتى ملأ الدنيا؛ فقصّ رؤياه على معبّر؛ فقال له المعبّر: ما أعبّرها إلا بألف درهم؛ فقال بويه: والله ما رأيتها قطّ ولا عشرها، وإنما أنا صيّاد أصطاد السمك؛ ثم اصطاد سمكة فأعطاها للمعبّر؛ فقال له المعبّر: ألك أولاد؟ قال نعم؛ قال: أبشر، فإنهم يملكون الأرض ويبلغ سلطانهم فيها على قدر ما احتوت عليه النار. وكان معه أولاده الثلاثة: علىّ أكبرهم وهو أوّل ما بقل عذاره، وثانيهم الحسن، وثالثهم أحمد. قلت: علىّ هو عماد الدولة، والحسن هو ركن الدولة، وأحمد هو معزّ الدولة.
وفيها دخل مؤنس الورقانىّ بالحجّاج سالمين من القرمطىّ إلى بغداد. وفيها قتل القاهر بالله الأمير أبا السّرايا نصر بن حمدان، وإسحاق بن إسماعيل بن يحيى، وهو الذي أشار على مؤنس بخلافة القاهر لما قتل المقتدر. وفيها مات مؤنس الورقانىّ الذي حجّ في هذه السنة بالناس. وفيها استوحش الناس من الخليفة القاهر بالله، ولا زالوا به حتّى خلعوه في يوم السبت ثالث جمادى الأولى وسملوا عينيه حتى سانتا على خدّيه فعمى؛ وهو أوّل خليفة سملت عيناه؛ وسملوه خوفا من شرّه. فكانت خلافته الى حين سمل سنة وستة أشهر وسبعة أيّام أو ثمانية أيّام. وبويع بالخلافة من بعده ابن أخيه الراضى بن المقتدر جعفر. والراضى المذكور اسمه محمد.
قال الصّولىّ: كان القاهر هرجا «٢» سافكا للدماء محبّا للمال قبيح السيرة كثير التلوّن والاستحالة مدمنا على شرب الخمر، فإذا شربها تغيّرت أحواله وذهب عقله.
ويأتى بقيّة ترجمة القاهر بالله في وفاته. وفيها قتل مرداويج مقدّم الديلم بأصبهان