الى نحو الديار المصرية. وبلغ ذلك الإخشيذ فتجهّز وعرض عساكره وأنفق فيهم وخرج بجيوشه من مصر لقتال محمد بن رائق في يوم سادس عشر «١» شعبان، وسار كل منهما بعساكره حتى التقيا بالعريش- وقال أبو المظفّر في مرآة الزمان: باللّجّون «٢» - فكانت بينهما وقعة عظيمة انكسرت فيها ميمنة «٣» الإخشيذ وثبت هو في القلب؛ ثم حمل هو بنفسه على أصحاب «٤» محمد بن زائق حملة شديدة فأسر كثيرا منهم وأمعن في قتلهم وأسرهم؛ وقتل أخوه الحسين بن طغج في الحرب. وافترق العسكران وعاد كل واحد الى محل إقامته، فمضى ابن رائق نحو الشام وعاد الإخشيذ الى الرملة بخمسمائة أسير؛ ثم تداعيا الى الصلح. وكان لما قتل الحسين بن طغج أخو الإخشيذ في المعركة عزّ ذلك على محمد بن رائق، وأخذه وكفّنه وحنّطه وأنفذ معه ابنه مزاحما الى الإخشيذ، وكتب معه كتابا يعزّيه فيه ويعتذر إليه ويحلف له أنه ما أراد قتله، وأنه أرسل ابنه مزاحما إليه ليفتديه بالحسين بن طغج إن أحبّ الإخشيذ ذلك. فاستعاذ الإخشيذ بالله من ذلك واستقبل مزاحما بالرّحب والقبول وخلع عليه وعامله بكلّ جميل، وردّه الى أبيه. واصطلحا على أن يفرج محمد بن رائق للإخشيذ عن الرّملة، ويحمل إليه الإخشيذ في كلّ سنة مائة وأربعين ألف دينار، ويكون باقى الشام في يد ابن رائق، وأن كلّا منهما يفرج عن أسارى الآخر؛ فتمّ ذلك. وعاد الإخشيذ الى مصر فدخلها لثلاث خلون من المحرّم سنة تسع وعشرين وثلثمائة، وعاد محمد بن رائق الى دمشق، فلم تطل مدّة الإخشيذ بمصر إلّا وورد عليه الخبر من بغداد بموت الخليفة الراضى بالله