قال: أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب قال: أخبرنا زُهير قال: أخبرنا عروة بن عبد الله بن قُشير قال: لقيتُ أبا جعفر وقد قَصِعَتْ لحيتى فقال: مالكَ عن الخضاب؟ قال: قلتُ أكرهه في هذا البلد، قال: فاصْبِغْ بالوَسِمَة فإنى كنتُ أخْضِبُ بها حتى تَحَرّكَ فمى، ثمّ قال إنّ أناسًا من حَمْقى قُرّائِكم يزعمون أنّ خِضابَ اللّحى حرام وأنّهم سألوا محمّد بن أبي بكر أو القاسم بن محمّد، قال زُهير الشكّ من غيرى، عن خِضاب أبى بكر فقال كان يخضب بالحنّاء والكتم فهذا الصِّدّيق قد خَضَبَ، قال: قلتُ الصِّدّيق؟ قال: نعم وربّ هذه القبلةِ أو الكعبة إنّه الصِّدّيق.
قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: أخبرنا أبى سمعت الحسن قال: لمّا بويع أبو بكر قام خطيبًا فلا والله ما خَطَبَ خِطْبَتَه أحدٌ بعدُ فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال (١): أمّا بعد فإنّى وَليتُ هذا الأمر وأنا له كارهٌ ووالله لوَدِدْتُ أنّ بعضكم كَفانيه، ألا وإنّكم إنْ كلّفتمونى أنْ أعْمَلَ فيكم بمثل عَمَل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لم أقُمْ به، كان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَبْدًا أكرمه الله بالوَحْى وعَصَمَهُ به، ألا وإنّما أنا بشَرٌ ولستُ بخير من أحَدٍ منكم فراعونى، فإذا رأيتمونى استقمتُ فاتْبَعونى وإنْ رأيتمونى زُغْتُ فقوّمونى، واعلموا أنّ لي شيطانًا يعترينى فإذا رأيتمونى غضبتُ فاجْتَنبونى لا أؤثّرُ في أشعاركم وأبْشاركم.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وُهيب بن خالد قال: أخبرنا داود بن أبي هند عن أبي نَضْرَةَ عن أبي سعيد الخدريّ قال: لمّا توفى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قامت خطباء الأنصار فجعل الرجل منهم يقول يا معشر المهاجرين إنّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان إذا استعملَ رجلًا منكم قَرَنَ معه رجلًا منّا فنرَى أن يَلىَ هذا الأمر رجُلان أحدهما منكم والآخر منّا. قال فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك فقام زيد بن ثابت فقال: إنّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان من المهاجرين وإنّ الإمام إنّما يكون من المهاجرين ونحن أنصاره كما كنّا أنصار رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فقام أبو بكر
(١) في متن ل "قام" وبالهامش قام بالأصل. وقراءة الشيخ محمد عبده "قال". وقراءة الشيخ هي الصواب وتؤكدها قراءة ت، ث.