للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا محمّد بن عمر وغيره قالوا: لمّا استلحم القتالُ بصفّين وكادوا يتفانَوْنَ قال معاوية: هذا يومٌ تفانى فيه العرب إلا أنْ تُدركهم فيه خِفّةُ العَبْدِ، يعني عمّار بن ياسر، قال وكان القتال الشديد ثلاثةَ أيّام ولياليَهنّ، آخرُهن ليلةُ الهَرير، فلمّا كان اليومُ الثالث قال عمّار لهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص ومعه اللّواءُ يومئذٍ: احْمِلْ فِدَاكَ أبى وأمّى! فقال هاشم: يا عمّار رحمك الله إنّك رجلٌ تَسْتَخِفّكَ الحَرْبُ وإنى إنّما أزحفُ باللّواء زَحفًا رَجاءَ أن أبلغَ بذلك ما أريد، وإنى إن خَفَفْتُ لم آمَنِ الهَلَكَةَ. فَلَمْ يَزَلْ به حتَّى حَمَلَ فَنَهَضَ عمّار في كتيبته فنهض إليه ذو الكلاع في كتيبته فاقتتلوا فقُتلا جميعًا واستُؤصِلت الكتيبتان، وَحَمَلَ على عمّار حُوَيّ السّكسَكِيّ وأبو الغادية المُزَنيّ وقَتَلاه، فقيل لأبى الغادية: كيْفَ قَتَلْتَه؟ قال: لمّا دَلَفَ إلينا في كتيبته ودلفنا إليه، نادى هل من مُبارزٍ، فَبَرَزَ إليه رجلٌ من السكاسك فاضطربا بسيفيهما فقَتَلَ عمّارٌ السّكسكيَّ، ثمّ نادى مَنْ يُبارِز، فَبَرَزَ إليه رجُل من حِمْيَرَ فاضطربا بسيفيهما فقتل عمّار الحميريَّ وأثْخَنَه الحميريّ، ونادى مَنْ يُبارِزُ، فبرزتُ إليه فاختلفنا ضَرْبَتَيْن، وقد كانت يده ضَعُفَتْ فأنْتَحى عليه بضربة أُخرى فسقط فضربتُه بسيفى حتَّى بَرَدَ. قال ونادى النّاسُ: قتلتَ أبا اليَقْظان قَتَلَك الله! فقلت اذْهَبْ إليكَ فوالله ما أُبالى من كنتَ، وبالله ما أعرفُه يومئذٍ. فقال له محمّد بن المنْتَشِر: يا أبا الغادية خَصْمُك يوم القيامة مازُنْدَرُ، يعني ضخمًا، قال فضحك، وكان أبو الغادية شيخًا كبيرًا جسيمًا أدْلَمَ، قال: وقال عليّ حين قُتل عمّار: إنّ امْرأ من المسلمين لم يَعْظُمْ عليه قَتْلُ ابن ياسر وتَدْخُل به عليه المصيبةُ الموجعةُ لَغيرُ رَشيدٍ، رَحِمَ الله عمّارًا يومَ أسْلَمَ، ورحم الله عمّارًا يومَ قُتِلَ، ورحم الله عمّارًا يومَ يُبْعَثُ حيًّا، لقد رأيتُ عمّارًا وما يُذْكَرُ من أصحاب رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أربعةٌ إلّا كان رابعًا ولا خمسةٌ إلّا كان خامسًا، وما كان أحدٌ من قدماء أصحاب رسول الله يشكّ أنّ عمّارًا قد وَجَبَتْ له الجنّة في غير موطن ولا اثنين، فهَنيئًا لعمّار بالجنّة، ولقد قيل إنّ عمّارًا مع الحقّ والحقّ معه، يَدورُ عمّار مع الحقّ أينما دار، وقاتلُ عمّار في النّار.

قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن إسماعيل بن أبي خالد عن يحيَى بن عابس قال: قال عمّار ادْفنونى في ثيابى فإنى مخاصم.