للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فقلتُ: الإذْنَ، هذا أبو غادية الجُهنى. فقال عبد الأعلى: أدْخِلوه، فَدَخَلَ عليه مُقَطّعاتٌ لَهُ فإذا رجلٌ طُوال ضَرْبٌ من الرجال كأَنّه ليس من هذه الأمّة، فلمّا أن قعد قال: بايعتُ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قلتُ: بيَمينك؟ قال: نعم، وخَطَبَنا رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يوم العَقَبَة فقال: يا أيها النّاس ألا إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم إلى أن تَلْقَوْا ربّكم كحُرْمَةِ يَوْمكم هذا في شهركم هذا في بَلَدِكم هذا، ألا هَلْ بَلّغْتُ؟ فقلنا: نعم، فقال: اللهُمّ اشْهَدْ، ثمّ قال: ألا لا تَرْجعوا بعدى كُفّارًا يَضْرِبُ بعضكم رِقابَ بعض، قال ثمّ أتْبَعَ ذا فقال: إنّا كُنّا نَعُدّ عمّار بن ياسر فينا حَنانًا، فبينا أنا في مسجد قُباءَ إذ هو يقول: ألا إنّ نَعْثَلًا هذا لعثمان، فألْتَفِتُ فلو أجِدُ عليه أعْوانًا لَوَطِئْتُه حتَّى أقْتُله، قال قلت اللهُمّ إنّك إنْ تَشأُ تُمَكّنّى من عمّار، فلمّا كان يوم صفّين أقبل يستنّ أوّلَ الكتيبة رجلًا حتَّى إذا كان بين الصفّين فأبْصَرَ رجلٌ عَوْرَةً فطعنه في ركبته بالرمح فعثر فانكشف المِغْفَرُ عنْه، فضربتُه فإذا رأس عمّار. قال: فلم أرَ رجلًا أبْيَنَ ضَلالَةً عندي منه، إنّه سمع من النّبيّ، عليه السلام، ما سمع ثمّ قَتَلَ عَمّارًا (١).

قال واستسقى أبو غادية فأُتى بماء في زُجاجٍ فأبَى أن يشرب فيها، فأُتىَ بماءٍ في قَدَحٍ فَشَرب، فقال رجلٌ على رأس الأمير قائمٌ بالنّبطيّة: أوى يد كفتا يَتَوَرّعُ عن الشراب في زجاج ولم يتورّع عن قتل عمّار.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا أبو حفص وكلثوم بن جَبْر عن أبي غادية قال: سمعتُ عمّار بن ياسر يقع في عثمان يَشْتِمُه بالمدينة قال: فتوعّدتُه بالقتل قلت: لئنْ أمكننى الله منك لأفْعَلَنّ. فلمّا كان يومُ صفّين جَعَلَ عمّار يحمل على النّاس، فقيل هذا عمّارٌ، فرأيتُ فُرْجة بين الرّئَتَين وبين الساقين، قال فحملتُ عليه فطعنتُه في ركبته، قال: فوقع فقتلتُه. فقيل قتلت عمّار بن ياسر. وأُخبر عمرو بن العاص فقال: سمعتُ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول إنّ قاتله وسالبه في النّار، فقيل لعمرو بن العاص: هو ذا أنت تُقاتله، فقال: إنّما قال قاتله وسالبه (٢).


(١) الذهبي: سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٢٥.
(٢) الذهبي: سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٤٢٥.