للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُدْفَن مع صاحبيه؟ فأتاها ابن عمر فوجدها قاعدة تبكي فسلّم عليها ثمّ قال: يستأذن عمر بن الخطّاب أن يُدْفَنَ مع صاحبيْه، فقال: قد واللهِ كنتُ أريده لنفسي ولأوثِرنّه به اليومَ على نفْسي. فلمّا جاء قيل هذا عبد الله بن عمر فقال عمر: ارْفعاني، فأسْنَده رجلٌ فقال: ما لديك؟ فقال: أذِنَتْ لك. قال عمر: ما كان شيءٌ أهمّ إليّ من ذلك المضْجع، يا عبد الله بن عمر انْظُر إذا أنا مِتُّ فاحْملْني على سريري ثمّ قِفْ بي على الباب فقل يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذِنَتْ لي فأدْخِلْني، وإن لم تأذن فادْفنّي في مقابر المسلمين. فلمّا حُمل فكأنّ المسلمين لم تُصبهم مصيبةٌ إلا يومئذٍ قال فأذنتْ له فدُفن، - رحمه الله -، حيث أكرمه الله مع النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر.

وقالوا له حين حَضَرَه الموت: اسْتَخْلِفْ، فقال: لا أجدُ أحدًا أحَقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين تُوُفّيَ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو عنهم راضٍ فأيّهم اسْتُخْلِفَ فهو الخليفة من بعدي، فسَمّى عليًّا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعدًا، فإنْ أصابَتْ سعدًا فذاك وإلا فأيّهم استُخلِفَ فَلْيَسْتَعِنْ (١) به، فإنّي لم أعْزِلْه عن عَجْز ولا خيانة (٢).

قال وجَعَلَ عبدَ الله معهم يشاورونه وليس له من الأمر شيءٌ، قال فلمّا اجتمعوا قال عبد الرحمن: اجْعَلوا أمركم إلى ثلاثة نفر منكم، فجعل الزبير أمره إلى عليّ، وجعل طلحة أمره إلى عثمان، وجعل سعدٌ أمره إلى عبد الرحمن، فَأْتَمَرَ أولئك الثلاثة حين جُعِلَ الأمرُ إليهم، فقال عبد الرحمن: أيّكُم يَبْرَأُ من الأمر ويَجْعَلُ الأمْرَ إليّ ولكم الله عَلَيّ ألّا آلُوكم عن أفضلكم وخيركم للمسلمين، فأسْكَتَ الشيخان عليّ وعثمان، فقال عبد الرحمن: تَجْعَلانِهِ إليّ وأنا أخْرُجُ منها فوالله لا آلوكم عن أفضلكم وخيركم للمسلمين، قالوا: نَعَمْ، فخَلا بعَليّ فقال: إنّ لك من القرابة من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، والقِدَم والله عليك لَئن استخلفتَ لَتَعْدِلَنّ ولئن استخلف عثمان لَتَسْمعَنّ ولتُطيعَن، فقال: نعم، قال وخلا بعثمان فقال مثلَ


(١) في متن ل "فَلْيُسْتَعَنْ" وبهامشها "الشيخ محمد عبده "فَلْيَسْتَعِنْ" وقد آثرت قراءة الشيخ اعتمادًا على رواية ث. وما ورد لدى ابن عساكر في تاريخه ص ٣٥٧ من ترجمة عمر.
(٢) ابن عساكر ص ٣٥٧ من ترجمة عمر.