للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال: ما وجدت؟ فقال: إني أجده قد بقي لك من وَتِينِك (١) ما تَقضي منه حاجتك، قال: أنت أصدقُهم وخيرُهم. قال فقال رجل: والله إنّي لأرجو أن لا تَمَسّ النارُ جِلْدَك أبدًا. قال فنظر إليه حتى رثينا أو أوينا له ثمّ قال: إنّ عِلْمَك بذلك يا فلان لقليلٌ، لو أنّ ما في الأرض لي لافتديتُ به من هوْل المُطّلَعِ (٢).

قال: أخبرنا هَوْذة بن خليفة قال: أخبرنا عوف عن محمّد قال: قال ابن عبّاس لما كان غداةَ أصيب عمر كنتُ فيمن احتمله حتى أدخلناه الدار، قال فأفاق إفاقة فقال: من أصابني؟ قلت: أبو لؤلؤة غلامُ المغيرة بن شعبة، فقال عمر: هذا عملُ أصحابك، كنتُ أريد أن لا يَدْخُلها عِلْجٌ من السبي فغلبتموني على أن غُلِبْتُ على عقلي، فاحْفَظْ مني اثنتين: إني لم أستخلف أحَدًا ولم أقْضِ في الكلالة شيئًا، قال عوف وقال غيرُ محمّد إنّه قال: لم أقْضِ في الجَدّ والإخْوة شيئًا.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وهيب قال: أخبرنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عبّاس أنّه دخل على عمر لما أصيب فقال: يا أمير المؤمنين إنّما أصابك رجلٌ يقال له أبو لؤلؤة، فقال: إنّي أُشْهِدكم أني لم أقضِ في ثلاثة إلا بما أقول لكم، جعلتُ في العبد عبدًا وفي ابن الأمَة عَبْدَيْن.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا أبو عَوانة قال: أخبرنا داود بن عبد الرحمن الأوْدي عن حميد بن عبد الرحمن الحِمْيَرِيّ قال: أخبرنا ابن عبّاس بالبصرة قال: أنا أوّل من أتى عمر بن الخطّاب حين طُعن فقال: احْفَظْ مني ثلاثًا، فإني أخاف أن لا يُدْركَني النّاسُ، أمّا أنَا فلمْ أقضِ في الكلالة قضاءً، ولم أستخلف على الناس خليفة، وكلّ مملوك لي عتيق، قال فقال له الناس: اسْتَخْلِفْ، فقال: أيّ ذلك ما أفعل فقد فَعَلَه من هو خير منّي، إنْ أتْرُكْ للناس أمْرَهم فقد تركه نبيّ الله، - صلى الله عليه وسلم -، وإنْ اسْتَخْلِفْ فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، فقُلْتُ: أبْشِرْ بالجَنّة، صاحبتَ رسولَ الله فأطلْتَ صُحبتَه، وَوَليتَ أمرَ المؤمنين فقوّيتَ وأدّيتَ الأمانَة، فقال: أمّا تبشيرك إيّاي بالجنّة فوالله الذي لا إله إلّا هو لو أنّ لي الدنْيا وما فيها لافتديتُ به من هول ما أمامي قبل أن أعْلَمَ الخبر، وأمّا


(١) الوتين: عرق يسقي العروق كلها الدم، إذا انقطع مات صاحبه.
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخه ص ٣٦٩ نقلًا عن ابن سعد.