للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن رجل من الأنصار قال: لمّا قضى سعد في بني قريظة ثمّ رجع انفجر جرحه، فبلغ ذلك النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فأخذ رأسه فوضعه في حِجْرِه وسُجّى بثوبٍ أبيض إذا مُدّ على وجهه خرجت رجلاه، وكان رجلًا أبيض جسيمًا، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: اللهمّ إنّ سعدًا قد جاهد في سبيلك وصدّق رسولك وقضى الذي عليه فتَقَبّل روحه بخير ما تقبّلت به روحًا. فلمّا سمع سعد كلام رسول الله فتح عينيه ثمّ قال: السلام عليك يا رسول الله، أما إني أشهد أنّك رسول الله. فلمّا رأى أهل سعد أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قد وضع رأسه في حجره ذعروا من ذلك فذُكر ذلك لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: إنّ أهل سعد لمّا رأوك وضعت رأسه في حجرك ذعروا من ذلك، فقال: أستأذِنُ الله من ملائكته عَدَدَكم في البيت ليشهدوا وفاة سعد. قال وأمّه تبكي وهي تقول:

وَيْل أمِّكَ سعدَا … حَزامَةً وَجِدّا

فقيل لها: أتقولين الشعر على سعد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دَعُوها فغيرها من الشعراء أكذبُ (١).

أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال: لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فثقل حَوّلوه عند امرأة يقال لها رُفيدة، وكانت تُداوي الجرحى، فكان النبيّ، - عليه السلام -، إذا مرّ به يقول: كيف أمسيتَ؟ وإذا أصبح قال: كيف أصبحتَ؟ فيخبره، حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها فثقل فاحتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم، وجاء رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كما كان يسأل عنه، وقالوا قد انطلقوا به، فخرج رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وخرجنا معه فأسرعَ المشيَ حتى تقطّعت شسوع نعالنا وسقطت أرديتنا عن أعناقنا، فشكا ذلك إليه أصحابه: يا رسول الله أتعبتنا في المشي، فقال: إني أخاف أن تسبقنا الملائكة إليه فتغسله كما غسلت حنظلة. فانتهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى البيت وهو يُغسل وأمّه تبكيه وهي تقول:

وَيْل أمّ سعدٍ سعدا … حَزَامَةً وَجِدّا


(١) أورده الذهبي في تاريخه ص ٣٢٣ من المغازي.