للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: وذكر بعض الناس أنّ حليمة لما خرجت برسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى بلادها قالت آمنة بنت وهب:

أعيذُهُ بالله ذى الجلالِ … من شرّ ما مرّ على الجبالِ

حتى أراهُ حامل الكلَالِ (١) … وَيَفْعَلَ العُرْفَ إلى الموَالى

وغيرِهم من حِشْوَة الرجالِ

قال: أخبرنا محمّد بن عمر عن أصحابه قال: مكث عندهم سنتين حتى فُطِم، وكأنّه ابن أربع سنين، فَقَدِموا به على أُمه زائرين لها، وأخبرتها حليمةُ خبره وما رأوا من بَرَكته، فقالت آمنةُ: ارجعى بابنى فإنى أخاف عليه وَبَاء مكّة، فوالله ليكوننّ له شأن! فرجعت به، ولما بلغ أربع سنين كان يغدو مع أخيه وأخته فى البهْمِ قريبًا من الحى، فأتاه الملَكَان هناك فَشَقّا بطنه واستخرَجا عَلَقَةً سَوْداءَ فَطَرَحاها وغَسَلا بطنه بماء الثلج فى طَسْت من ذهب، ثمّ وُزِنَ بألفٍ من أُمته فوزنهم، فقال أحدهما للآخر: دَعْه، فلو وُزِن بأمّته كلّها لوزنهم! وجَاء أخوه يصيح بأمّه: أدركى أخى القرشىّ! فخرجت أمّه تعدو ومعها أبوه فيجدان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مُنْتَقعَ اللون، فنزلت به إلى آمنة بنت وهب وأخبرتها خبره وقالت: إنّا لا نَرُدّهُ إلّا على جَدْعٍ آنُفِنَا، ثمّ رَجعت به أيضًا فكان عندها سنةً أو نحوها لا تَدعه يذهب مكانًا بعيدًا، ثمّ رأت غَمَامَةً تُظِلّه إذا وقفَ وقفت، وإذا سارَ سارت، فأفزَعها ذلك أيضًا من أمره، فَقَدِمَتْ به إلى أُمه لتردّه وهو ابن خمس سنين فأضلّها فى الناس فالتمسته فلم تَجده، فأتت عبد المطلب فأخبرته، فالتمسه عبد المطّلب فلم يجده: فقام عند الكعبة فقال:

لاهمّ أدّ راكبى مُحمّدَا … أدّهْ إلىّ وَ (٢) اصْطَنعْ عِنْدى يَدَا


(١) كذا فى م وبهذا الضبط. وفى ل "الحِلَال" وقد علق الأستاذ محمود شاكر على ذلك بقوله: "كلال -بالكسر- جمع كَلّ، وما كان على (فَعْل) فى المضاعف فالأغلب فى جمعه "فُعولٌ وفِعالٌ" نحو صك وصكوك وصكاك. و (كَلَال) بالفتح كأنه جمع كَلَالة، وهم الإخوة والأعمام وبنو الأعمام (وفى الحديث تحمل الكَلَّ) و (الحلال) صواب أيضا".
(٢) لدى النويرى ج ١٦ ص ٨٥ "اردده ربى" ولدى الصالحى ج ١ ص ٤٧٦ "اردده لى" وكلاهما ينقل عن ابن سعد.