قال فانطلقتُ فإذا بحماره على باب بيت المقدس فجلستُ عنده حتى خرج فقصصتُ عليه القصّة فقال: وما جاء بك إلا طلب العلم؟ قلتُ: نعم، قال: اجلس. فانطلق فلم أره حتى حال الحول فجاء فقلتُ: يا عبد الله ما صنعتَ بي؟ قال: وإنّك ها هنا؟ قلتُ: نعم، قال: فإني والله ما أعلم اليوم في الأرض رجلًا أعلم من رجلٍ خرج بأرض تَيْماء، وإن تنطق الآن توافقه، فيه ثلاث آيات: يأكل الهديّة، ولا يأكل الصدقة، وعند غُضْرُوف كتفه اليُمْنى خاتم النبوّة مثل بيضة الحمامة لونها لون جلده.
قال فانطلقتُ ترفعني أرضٌ وتَخْفِضُني أُخرى حتى مررتُ على قوم من الأعراب فاستعبدوني فباعوني فاشترتْني امرأة بالمدينة. فسمعتُهم يذكرون النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وكان العيشُ عزيزًا فقلتُ لها: هَبي لي يومًا، فقالت: نعم فانطلقتُ فاحتطبتُ حطبًا فبِعْتُه فأتيتُ به النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، وكان يسيرًا، فوضعتُه بين يديه فقال: ما هذا؟ فقلتُ: صدقةٌ، فقال لأصحابه: كُلوا، ولم يأكل. قلتُ هذه من علامته. فمكثتُ ما شاء الله أن أمكث ثمّ قلتُ لمولاتي: هبي لي يومًا: قالت: نعم. فانطلقتُ فاحتطبتُ حطبًا فبِعْتُه بأكثر من ذلك وصنعتُ طعامًا فأتيتُ به النبيّ وهو جالس بين أصحابه فوضعتُه بين يديه فقال: ما هذا؟ قلتُ: هديّة. فوضع يده وقال لأصحابه: خذوا بسم الله. فقمتُ خلفه فوضع رداءه فإذا خاتم النبوّة فقلتُ: أشهد أنّك رسول الله، قال: وما ذاك؟ فحدّثتُه عن الرجل ثمّ قلتُ: أيَدْخُلُ الجنّة يا رسول الله؟ فإنّه حدّثني أنّك نبيّ. قال: لن يدخل الجنّة إلا نفس مُسْلِمَةٌ (*).
قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، سلمان سابِقُ فارِسَ.
قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك قال: حدّثني كثير بن عبد الله المُزَني عن أبيه عن جدّه أنّ رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، خطّ الخندق من أُجُمِ الشّيْخَينِ طرف بني حارثة عامَ ذُكرَتِ الأحزاب خِطّةً من المَذار فقطع لكلّ عشرةٍ أربعين ذراعًا فاحتجّ المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلًا قويًّا، فقال