للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال فغبرتُ ما غبرتُ فلقيتُ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: إنّه قد وُجّهْتُ إلى أرضٍ ذاتِ نخل ولا أحْسِبُها إلّا يثرب، فهل أنت مُبْلِغٌ عنى قومك، عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟ فانطلقتُ حتى لقيتُ أخى أُنيسًا فقال: ما صنعتَ؟ قلتُ: صنعتُ أنى قد أسلمتُ وصدّقتُ. قال أُنيس: ما بى رغبةٌ عن دينك فإنى قد أَسلمتُ وصدّقتُ.

قال فأتينا أمّنا فقالت: ما بى رغبةٌ عن دينكما فإنّى قد أسلمتُ وصدّقتُ، قال فاحتملنا فأتينا قومَنا فأسلم نِصْفُهم قبل أن يقدم رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، المدينة.

وكان يؤمّهم إيماءُ بن رَحَضَةَ، وكان سيّدهم، وقال بقيّتهم: إذا قدم رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، المدينةَ أسلمنا. فقدم رسول، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأسلم بقيّتهم وجاءت أسْلَمُ فقالوا: يا رسول الله، إخوتنا، نُسْلِمُ على الذى أسلم عليه إخوتُنا. فأسلموا فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: غِفارٌ غَفَرَ الله لها وأسْلَمُ سالَمها الله (*).

قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنى أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبرة عن يحيَى بن شِبْل عن خُفاف بن إيماء بن رَحَضَةَ قال: كان أبو ذرّ رجلًا يصيب الطريق وكان شجاعًا يتفرّد وَحْدَه يقطع الطريق ويُغير على الصِّرم في عَماية الصبح على ظهر فرسه أو قدميه كأنّه السّبُعُ، فيطرق الحىّ ويأخذ ما أخذ، ثمّ إنّ الله قذف في قلبه الإسلام وسمع بالنبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو يومئذٍ بمكّة يدعو مختفيًا، فأقبل يسأل عنه حتى أتاه في منزله (١)، وقبل ذلك ما قد طلب (٢) مَن يوصله إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلم يجد أحدًا فانتهى إلى الباب فاستأذن فدخل، وعنده أبو بكر وقد أسلم قبل ذلك بيوم أو يومين، وهو يقول: يا رسول الله والله لا نستسرّ بالإسلام وَلنُظْهِرَنّه. فلا يردّ عليه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، شيئًا. فقلت: يا محمد إِلَامَ تدعو؟ قال: إلى الله وَحْدَه لا شريك له وخَلْعِ الأوثان وتشهد أنى رسول الله. فقلت: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّك رسول الله. ثمّ قال


(١) سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٥.
(٢) في متن ل "وقبل ذلك قد طلب" وبالهامش: قراءة دى خويه وكذا فيستنفلد "وقبل ذلك ما قد طلب" وقد آثرت قراءتهما اعتمادا على رواية ث.